اقتصاديون: غياب الجدية في تحسين تنافسية السلطنة

مؤشر الأربعاء ٢٦/أكتوبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
اقتصاديون: غياب الجدية في تحسين تنافسية السلطنة

مسقط - حمدة بنت علي البلوشية

أكد اقتصاديون ان استمرار تراجع السلطنة في تقرير التنافسية لعام 2016 يرجع إلى عدم وجود خطوات جادة وملموسة للوقوف على منابع الخلل التي كشف عنها معدو تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي.
ودعوا في تصريحات خاصة لـ"الشبيبة" إلى إصلاح المنظومة الحكومية، ومراجعة التشريعات والقوانين وتوفير بيئة تنافسية وقياس مؤشرات الأداء من جهة مختصة ومحايدة، وتبني برنامج للأداء الحكومي المتميز، وإعطاء عملية التحول الإلكتروني أولوية وأهمية قصوى.
وكانت السلطنة قد تراجعت في تقرير التنافسية العالمي للعام الجاري واحتلت المركز 66 عالمياً والأخير خليجياً.

وقفة صادقة، ودراسة متأنية
وعلق رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس الشورى سعادة د. صالح بن سعيد مسن على تراجع السلطنة في تقرير التنافسية هذا العام لأسوأ مركز منذ إدراجها في تقرير التنافسية عام 2007، قائلاً: تراجعت السلطنة خلال سنوات قليلة تراجعاً كبيراً في تقرير التنافسية خلال سنوات قليلة، مضيفاً أن هذا التراجع يستدعي وقفة صادقة، ودراسة متأنية.
مضيفا أن البعض يقلل من أهمية مؤشرات تقرير التنافسية، وان قبل النقد ينبغي النظر في المنهجية التي بني عليها التقرير، والتي تتمثل في أن حوالي 70% من التقرير اعتمد على الاستبيانات التي ترسل إلى الرؤساء التنفيذيين في القطاع الخاص ومؤسسات أخرى، و30% المتبقية من التقرير تعتمد على ما ينشر من بيانات عن السلطنة.

تداخل في الاختصاصات
وعن أسباب عدم الاستجابة للتوجيهات الحكومية التي أوصى بها مجلس الوزراء الموقر في العام 2015 بضرورة تحسين مؤشرات السلطنة في تقرير التنافسية في حين استمر ترتيب السلطنة في التراجع، قال سعادته: اعتقد أن السبب يرجع في عدم وجود رؤية واضحة، ولا خطوات عملية جدية للوقوف على نقاط الضعف وأسباب هذا التراجع، وإذا أردنا أن وقف التراجع لا بد من حلول جذرية حقيقية، من خلال إصلاح المنظومة الحكومية التي تتطلب مراجعة صادقة حيث أنه لدينا بيروقراطية، وتداخل في الاختصاصات، مشيرا إلى ان الجهات الحكومية تعمل على حدة"، وبالتالي لابد من تكامل الجهود من قبل الجميع من أجل تحسين الأداء للوصول إلى مستوى التنافسية.
مؤكدا ان تحسين تنافسية الاقتصاد مسؤولية وطنية جماعية تتطلب تضافر الجهود ابتداء من العمل على تكامل السياسات الاقتصادية الكلية والجزئية، ورفع مؤشر الجاهزية التكنولوجية، وتحسين البيئة الإستثمارية، ورفع كفاءة سوق العمل، وإصلاح النظام التعليمي والصحي، وانتهاء برفع ثقة القطاع الخاص في الحكومة. ويتطلب ذلك من خلال منظومة ليست مسؤولية جهة واحدة بل تتطلب عمل منظومة متكاملة وجهد جماعي ورؤية وطنية موحدة وخارطة طريق واضحة للمستقبل".

تكامل السياسات الاقتصادية
وأشار المسن إلى وجود قصور في تكامل السياسات الاقتصادية وينبغي أن تتكامل مع الجهود المبذولة من مختلف الجهات؛ والانتقال من الإدارة التقليدية إلى الطريقة المبتكرة بالأداء، وعبر تحديد مؤشرات أداء وأهداف كمية مع تحديد فترة زمنية لإنجازها، بالإضافة إلى حل تداخل الاختصاصات بين الوزارات والجهات الحكومية.
وأضاف في السياق ذاته: ينبغي مراجعة منظومة القوانين والتشريعات، وتحسين وتسهيل حجم الإجراءات التي بدورها ستقوم بتحسين البيئة الإستثمارية، كما أن سوق العمل العماني بحاجة إلى وقفة جادة وإصلاح جذري.
وحول ما إذا كانت وحدة التنفيذ والمتابعة التي أنشئت قبل أيام بموجب مرسوم سلطاني قد يكون لها دور في تحسين تقرير التنافسية، علّق سعادته قائلا: يعتمد ذلك على المهام التي ستناط بالوحدة، ومن الممكن إضافة مهمة مراجعة تقرير التنافسية والوقوف على مكامن الضعف والقوة في هذا التقرير لهذه الجهة، بالإضافة إلى مهامها الأخرى؛ مشيراً إلى أن السلطنة بحاجة إلى جهة مستقلة بصلاحيات موسعة تتولى مراجعة الإخفاقات التي حصلت في تقرير التنافسية ومناقشة كيفية معالجتها.

دفع عجلة الاقتصاد
وعن أهمية تقرير التنافسية في دفع عجلة الاقتصاد، قال رئيس اللجنة الإقتصادية بمجلس الشورى إن أهمية التقرير تكمن في شموليته كونه يقيس تنافسية الاقتصاد الوطني مقارنة مع الاقتصاديات الأخرى، حيث يتطرق لبيئة الاقتصاد الكلي والبنية الأساسية والمستوى المعيشي والبيئة الاستثمارية، وانتهاء بمنظومة الصحة والتعليم وكفاءة سوق العمل والتدريب والبحث العلمي والجاهزية التكنولوجية وغيرها من المؤشرات، حيث يتم تحديد ترتيب التنافسية من خلال أداء 114 مؤشراً فرعياً مقسمة على 12 محوراً رئيساً.
وأضاف: أن تقرير التنافسية يعتبر أحد المحددات الرئيسية للاستثمارات العالمية، ولا ينبغي أن نقلل من شأنه لأن جميع أصحاب الأعمال حول العالم يقرؤون تقرير التنافسية قبل الشروع في تحديد وجهة الإستثمار، وبمعنى آخر وجهات الاستثمارات العالمية معتمدة في جزء منها على تقارير التنافسية، وبالتالي فإن الاهتمام بتحسين ترتيب السلطنة في تقرير التنافسية سيساهم في زيادة حجم الاستثمارات الأجنبية وذلك من شأنه أن يدفع بعجلة التنمية ويسرع من وتيرة النمو الاقتصادي.

تراجع وتقصير
من جانبه قال عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عمان ورئيس لجنة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بالغرفة أحمد بن عبدالكريم الهوتي: تراجع السلطنة في تقرير التنافسية يعود إلى وجود بعض التقصير في الجهات الحكومية والخاصة كافة إزاء الوضع الذي آلت إليه الظروف وتحتل السلطنة بناء على هذا التقصير ترتيباً متأخراً.
وأضاف: لا بد من العمل على معالجة الخلل الحالي حتى نستطيع مواصلة التنافس وتصحيح هذا الوضع.
وعرج الهوتي بالقول، ان السلطنة تمتلك مقومات وإمكانات قد لا تتوفر في كثير من الدول، ولكن تكمن المشكلة في عدم استغلالها ولا يتم توظيفها بالطريقة الصحيحة، وأن بعض الدول تتقدم بشكل سريع في المجالات كافة التي من خلالها يتم احتساب المعايير المتعلقة بالتنافسية ونحن غير مبالين في هذا الأمر.

حلول من أجل التحسين
وحول الحلول اللازمة لإصلاح وتحسين مؤشر السلطنة في تقرير التنافسية، قال الهوتي: لا بد من العمل على تصحيح المسار الحالي وإيجاد الحلول التي من خلالها نستطيع أن نوفر بيئة تنافسية، تستقطب رؤس أموال داخلية وخارجية بشكل أفضل، مشيرا إلى ان الحكومة ليست المعنية وحدها في هذا التراجع بل أيضا القطاع الخاص، وبالتالي يجب أن تكون الجهود والرؤى مشتركة من جميع الأطراف، لافتا إلى أن خلال السنوات الأربع الأخيرة لا توجد رؤية واضحة ومشتركة، ولذلك كل جهة تعمل على حدة دون وجود تناغم في العمل.
واقترح عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عمان بوضع برنامج عمل تشترك فيه المؤسسات المعنية في القطاعين الحكومي والخاص لمعرفة الأسباب التي جعلت السلطنة تتراجع إلى تلكم المستوى، ودراسة ما يمكن معالجته وتداركه لتصحيح المسار.
ودعا الهوتي إلى إعطاء القطاع الخاص والشباب دوراُ أكبر وفرصة للمشاركة في الرأي والقرار في هذه المرحلة، وأن لا تكون القرارات والأفكار فقط محصورة بجهات معينة، مشيرا إلى ضرورة تحديد اختصاصات للجهات الحكومية، لمعرفة مهام كل جهة، حيث لا نعلم حتى الآن من هي الجهة المعنية بترويج الاستثمار في السلطنة، وبالتالي لا بد من تحديد جهة محددة تقوم بهذه المهمة دون تشعبها بين بقية الجهات.

التحول الإلكتروني ضروري
قالت العضوة في مجلس إدارة الجمعية الاقتصادية العمانية آن بنت سعيد الكندية، إن تقرير التنافسية يعد بمثابة مؤشرات لقياس الأداء الحكومي الذي من المممكن الاستفادة منه لمعرفة مواضع التحديات ومنها البحث الدقيق للخروج بتشخيص دقيق علمي مبني على حقائق وأرقام إحصائية وليس بناء على آراء شخصية.
وأكدت الكندية أن إنشاء وحدة لدعم التنفيذ والمتابعة ستسهم في ايجاد ثقافة المساءلة وبالتالي لا يمكن أن يمر تراجع ترتيب السلطنة مرور الكرام، مضيفة: قد يكون من المناسب التفكير في إنشاء مركز التنافسية العماني لتبني برنامجاً للأداء الحكومي المتميز "الامتياز في الإدارة"، بحيث تعاد فيه صياغة كل جوائز الإجادة الحكومية، مشيرة إلى أن الإجادة يجب ألا تكون حكراً على المؤسسات بل للمجيدين الذين يعملون خلف الكواليس فهم الأولى بالجوائز ويستحقون التكريم على الملأ.
وأضافت بالقول: أنه ضمن الحلول يجب أن يكون التحول الإلكتروني في قائمة الأولويات في العمل الحكومي، كما أن توفير البيانات الإحصائية وتحديثها المستمر وعرضها بمقاييس دولية من شأنه أن يرفع تقييم السلطنة في التقارير الدولية، إلا أن ذلك لا يعني ألا نلتفت إلى المواضع الواجب تطويرها.
وأرجعت الكندية إلى أن تقرير التنافسية العالمية يعد مرجعية للمستثمر حول القدرة التنافسية للسلطنة ومدى توافر عوامل جذب الاستثمارات.

التراجع يعكس المعوقات
وذكر التقرير خاص بالخطة الخمسية التاسعة والذي نشره المجلس الأعلى للتخطيط، أن تراجع السلطنة في تقرير التنافسية العالمية الصادر عن المنتدى الاقتصادي يلخص القدرة التنافسية للاقتصاد عموماً، والقطاع الخاص خصوصاً.
وأضاف التقرير أن العوامل التي تؤدي إلى تراجع القدرة التنافسية تعكس المعوقات التي تعترض أداء الاقتصاد الوطني بصفة عامة والقطاع الخاص بصفة خاصة.
وأشار التقرير إلى أنه بالنسبة لبيئة الأعمال التي يرصدها البنك الدولي عن ممارسة أنشطة الأعمال، حققت السلطنة تقدماً في العام 2015 / 2016، حيث احتلت المرتبة 70 من 189 دولة، بالمقارنة مع المرتبة 77 في العام الفائت، كما جاءت في المرتبة الثالثة بين دول الخليج.
وبتحليل العوامل التي تؤثر في مناخ الأعمال يتضح أنها تشير إلى نواح إضافية لتلك التي تحد من القدرة على التنافسية وفي مقدمتها حماية المستثمرين، إجراءات بدء النشاط، الحصول على الإئتمان وتسوية حالات الإعسار.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ترتيب السلطنة في تقرير التنافسية العالمي
66
2016
62
2015
46
2014
33
2013
32
2012