ناصر اليحمدي
منذ أن وطأت القدم الصهيونية الغاشمة الأرض المحتلة وهي تعيث فيها فسادا واحتلالا واغتصابا دون وازع من ضمير أو رادع من صديق أو عدو .. فالغرب يدعمها والعرب في سبات عميق .. لذلك تعجبت كثيرا من البيان الذي صدر مؤخرا من البيت الأبيض الذي ينتقد فيه الدولة العبرية ويتهمها بعدم الوفاء بوعودها بعد موافقتها على بناء 300 وحدة سكنية جديدة في مستوطنة بالضفة الغربية المحتلة هي أقرب للأردن من إسرائيل والغريب أنه سبق هذا البيان بأيام معدودة موافقة أمريكا على منح الدولة الصهيونية حزمة مساعدات عسكرية بقيمة 38 مليار دولار كما حضر الرئيس الأمريكي باراك أوباما جنازة الرئيس الإسرائيلي الاسبق شيمون بيريز وبدا عليه التأثر والحزن على صديق عزيز كما امتدحه في الكلمة التي ألقاها في تأبين غير المأسوف عليه.
لاشك أن بيان البيت الأبيض مسرحية هزلية يؤديها الطرفان الأمريكي والإسرائيلي ولم تعد تنطلي على أحد فجميع فصولها ونهايتها معروفة للجميع .. ففي الوقت الذي تنتقد فيه أمريكا بناء المستوطنات سنجد أنه لو تم التصويت على تجريمها وإيقافها في مجلس الأمن الدولي ستستخدم حق النقض الفيتو لمنع أي قرار يصدر ضدها .. فما تطلقه أمريكا من انتقادات إنما هي شعارات علنية زائفة تسعى من ورائها لكسب ود حلفائها العرب بينما في الخفاء فإنها تدعم بني صهيون بكل ما أوتيت من قوة.
لقد قال أوباما أن رئيس الوزراء الإسرائيلي وعده بالتوقف عن بناء مستوطنات جديدة تحول دون حل الدولتين الذي يتمنى تحقيقه منذ دخوله البيت الأبيض واستنكر أوباما نقض نتنياهو لوعده وهنا نسأل الرئيس الأمريكي .. منذ متى والصهاينة يوفون بوعودهم ؟.. وندعوه لتقليب صفحات التاريخ الأسود للدولة اليهودية سيجد عددا لا حصر له من الوعود والعهود وجميعها تم التنصل منها ولم ينفذ منها شيء على أرض الواقع.
الغريب أن أوباما يحدوه الأمل في إحياء مفاوضات السلام بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني قبل مغادرة البيت الأبيض في يناير المقبل وهو ما يجعلنا نتساءل هل يستطيع أن يحقق خلال شهرين ما لم يستطع فعله خلال ثمان سنوات ؟.
لقد قال بيان البيت الأبيض إن بناء الوحدات السكنية الجديدة في الضفة الغربية "خطوة أخرى نحو ترسيخ واقع الدولة الواحدة والاحتلال الدائم" .. وهذا النهج ليس بجديد فالدولة الصهيونية منذ أن انزرعت زورا وبهتانا في المنطقة وهي لا تعترف بحق الفلسطينيين ولا ترى أية دولة غيرها في الأراضي المحتلة بل وفقا لعقيدتهم المشوهة يسعون لتوسيع احتلالهم وامتداد حدود دولتهم لتشمل المنطقة من النيل للفرات كما تشير بروتوكولات حكماء صهيون ولا يرغبون بتاتا في إقرار سلام عادل وشامل في المنطقة.
إن هذا البيان لم يكن الأول الذي تطلقه واشنطن لانتقاد بناء المستوطنات على أراض تعتبر جزءا من الدولة الفلسطينية المستقبلية على أساس حل الدولتين فهي تعارض دائما هذا المسلك الغاصب ولكن في النهاية هذه الانتقادات تذهب أدراج الرياح ولا تعيرها الدولة العبرية أي اهتمام وتفعل ما يحلو لها لأنها تعلم تمام اليقين أن هذه الانتقادات زوبعة في فنجان ولن تستطيع أمريكا التخلي عنها لأن اللوبي الصهيوني الأمريكي يتحكم في مفاصل الدولة ويقوم بالضغط على الإدارة الأمريكية لتنفيذ كل ما يصب في صالح الدولة الصهيونية.
لاشك أن تعامل إسرائيل مع القضية الفلسطينية يدل على أن السلام المنشود الذي يمنح للفلسطينيين حقهم سراب لا وجود له لذلك لابد أن يتحرك العرب لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أراضي الدولة الفلسطينية المنشودة ومن قبلهم على الفلسطينيين أنفسهم التوحد بكافة أطيافهم وأحزابهم حتى يقفوا كالشوكة في الحلق الإسرائيلي عسى أن يوقفها ذلك عند حدها.
* * *
الوفاء بالمسنين واجب وطني
في عصرنا عصر السرعة أثرت التطورات التي شهدتها المجتمعات العربية على شكل العلاقات بين أفراد الأسرة الواحدة .. فبعد أن كان البيت الكبير يضم الأجيال المتعاقبة ويتواجد فيه الجد والأب والابن أصبح لكل جيل منزل منفصل .. وهذه الاستقلالية انعكست على المجتمع ككل فأصبح أفراده يعيشون في جزر منعزلة لا يهتم أي منهم بمشاعر أو احتياجات الآخر.
وانعكست أنماط اللامبالاة هذه على علاقة الأبناء بكبار السن في عائلاتهم من أجداد أو أقرباء نتيجة انشغالهم باللهث وراء لقمة عيشهم فانتشرت دور المسنين وصارت تأوي العشرات وأصبحنا نسمع ونقرأ عن شكاوى المسنين من إهمال أولادهم أو أحفادهم فلا اهتمام ولا رعاية وقد يصل الحال لحد المعاملة السيئة.
لاشك أن لكبار السن فضل عظيم لذلك تم تخصيص يوم عالمي للتذكير بفضلهم هذا والحث على البر بهم .. ومؤخرا شاركت الجمعية العمانية لأصدقاء المسنين في الملتقى الخليجي الرابع لأفضل الممارسات في مجال رعاية كبار السن المقام بالمنامة عاصمة مملكة البحرين الشقيقة الذي نظمه مركز إجلال لخدمات كبار السن والمتقاعدين التابع للشبكة الإقليمية والمسؤولية الاجتماعية .. وهذا الحضور اللافت من قبل الجمعية العمانية يدل على اهتمام دولتنا بهذه الفئة من المجتمع وبشعورها بالمسئولية نحوهم فنراها وفرت لهم الرعاية الصحية والاجتماعية والقانونية التي تكفل لهم العيش الكريم .. وهذه السياسة النبيلة الرحيمة تسير عليها دول الخليج كلها فجميعها كيان واحد وتقاليدها وعاداتها ومبادئها واحدة .. وتعتبر أن الاهتمام بهذه الشريحة من المجتمع واجب وطني ولمحة وفاء يدعو لها ديننا ولابد من التحلي بها لذلك حرصت على إدماجهم في المجتمع وتعزيز قدراتهم الاجتماعية والاستفادة من خبراتهم التراكمية حتى صارت نموذجا يحتذى حول العالم.
قديما عندما كنا صغارا وفي مقتبل الشباب كنا نلتف حول الجد نستمع لقصصه ورواياته وذكرياته التي كانت تحمل الكثير من العبر والعظات التي أفادتنا كثيرا في حياتنا .. أما في عصرنا الحالي فقد انقطع التواصل بين الأجداد والأحفاد واتسعت الهوة الفكرية بينهم نتيجة تطور وسائل الاتصال الحديثة خاصة الانترنت الذي يجهله كثير من المسنين فأصبح كبار السن في الأسرة مصدر إزعاج للبعض الذي صار يرى في دار المسنين الحل السحري لإسكات صوت الضمير الذي يحثهم على الاهتمام بمسنيهم رغم أن هذه الدور أنشئت لمن لا مأوى له وليس لديه أقارب من الدرجة الأولى يعتنون به .. فبدأ الجحود يظهر على السطح وينتشر بصورة مخزية.
لقد أفنى المسنون شبابهم وحياتهم من أجل بناء الوطن وعملوا قدر استطاعتهم على تقدم المجتمع واستماتوا من أجل تربية أبنائهم التربية السليمة التي تعلي من شأن الوطن وتحقق له التنمية .. لذلك فإن رعايتهم حق الرعاية وقضاء حوائجهم هو أقل ما يمكن أن نقدمه لهم ونرد به الجميل.
نتمنى أن تؤخذ المبادرات التي قدمت خلال الملتقى الخليجي بعين الاعتبار ويتم تطبيقها على أرض الواقع حتى نوفر للمسنين الحياة الكريمة التي تليق بهم على ما قدموه من تضحيات من أجل أبنائهم وأحفادهم ووطنهم.
* * *
حروف جريئة
رئيس وزراء التركي بن علي يلدرم قال مؤخرا إن مطالبة بغداد بانسحاب القوات التركية الموجودة شمالي العراق أمر "خطير واستفزازي" .. وهل التواجد على أراض تابعة لدولة أخرى وانتهاك سيادتها أليس أمرا استفزازيا ؟.
روسيا تتوعد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بالملاحقة القانونية بعد تصريحات اتهمها فيها بارتكاب جرائم حرب في سوريا .. غريب أننا لا نرى هذه الملاحقة القانونية فيمن يرتكب بالفعل جرائم حرب على مرأى ومسمع من المجتمع الدولي ككل مثل المدعوة إسرائيل.
بغض النظر عن منح جائزة نوبل للسلام هذا العام للرئيس الكولومبي إلا أنه في رأيي رغم مرور 115 عاما على الجائزة إلا أن السلام مازال غائبا عن عالمنا حتى يومنا هذا .. فالحروب مشتعلة في أماكن كثيرة حول العالم والصراعات تدمر مجتمعات بالكامل وهو ما يثبت أن السلام لا يقام بالجوائز بل بالمبادئ والأخلاق.
قوات الاحتلال الإسرائيلي اعترضت السفينة النسائية "زيتونة" التي اتجهت إلى قطاع غزة لكسر الحصار المفروض عليها منذ أكثر من عشر سنوات واعتقلت الناشطات الدوليات اللاتي كن على متنها وقامت بترحيلهن .. إلى متى الصمت الدولي وأين المنظمات التي تطالب بحقوق المرأة أم أنها تخرس أمام إسرائيل ؟.
* * *
مسك الختام
قال تعالى : "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا".