مخاطر الاستثمارات.. في زمن الكورونا

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ١١/مايو/٢٠٢١ ١٩:٤٩ م
مخاطر الاستثمارات.. في زمن الكورونا
محمد محمود عثمان

محمد محمود عثمان

المخاطر متنوعة وقائمة وتخرج من دائرة الاحتمالات أو التوقعات إلى الواقع في ظل عدم القدرة على التعايش السلمي مع جائحة الكورونا

ويلمس الجميع الآثار الاقتصادية الناجمة عن ذلك؛ نتيجة الإجراءات الاحترازية اللازمة للحد من انتشار هذا الوباء، والتي لم تراع الجوانب الاقتصادية على الإطلاق ، فلا يخفي على أحد الانخفاض الشديد في الصادرات الصناعية و التحويلية، بعد أن توقف حركة الصادرات والواردات وحركة السفر بين دول العالم وإغلاق المطارات والمنافذ الحدودية أمام السفر والتجارة والسياحة العالمية ، وكذلك تتفاقم المضاعفات السلبية في ظل تذبذب وهبوط أسعار النفط ، واستنزاف معظم الاحتياطيات النقدية ، وزيادة العجز في الموازنات العامة للدول بنسب عالية ، لذلك فإن قطاعات الاستثمار هى الملاذ الممكن ، ولكن إذا كانت القاعدة الذهبية المعروفة لتجنب المخاطر الاستثمارية تقضي بعدم وضع «كل البيض في سلة واحدة « من خلال الحرص على تنوع المحافظ الاستثمارية ما بين الاستثمارات قصيرة وطويلة الأجل،حيث أن التنوع يقلل من احتمالات عدم التعرض للخسائر مع وجود فرص للتعويض ، فكيف يكون الوضع الآن إذا كانت كل السلات فاسدة ؟

وما يزيد الأمر خطورة وتعقيدا ، أن الجميع يرفع شعار أنه لا» صوت يعلو فوق صوت كورونا «وكل الإجراءات الاحترازية والاحتياطية تغلق كل الطرق المؤدية إلى أي استثمار آمن أو ناجح على مستوى الدول والأفراد ، فإن كل المخاطر قائمة بدرجات متفاوته ،على الرغم من تقديم صيغ ضعيفة كحوافز اقتصادية ، ومن ثم لايمكن تحييد مشاعر الخوف أو القلق من وجود فرص استثمارية حقيقية في ظل مخاطر السوق ،مثل الأوضاع السياسية والتطورات الاقتصادية وسعر االفائدة السائد ومعدلات التضخم وسعر الصرف، والتي لا يكمن السيطرة عليها جميعها وكلها عناصر تؤدي إلى انخفاض قيمة الاستثمارات أو خسارتها أو جزء منها ، بما يؤثر على السوق واحتمال خسارة قيمة الاستثمارات بأكملها أو جزء منها، لذلك يصبح المناخ طاردا للاستثمار بصورة كبيرة ، ولا يستبعد أن تكون هناك أسباب أخرى للمخاطر تتمثل في مستوى أداء المؤسسات الاقتصادية والشركات ومخاطر الديون ونقص السيولة ،ووجوداضطراب في خطتها الاستثمارية ؛مما يؤدي إلى انخفاض القيمة السوقية، وعدم قدرة المستثمرين على بيع أصولهم بسهولة، وهذا يضطرهم إلى بيعها بأسعر أقل، وكذلك تناقص نسب المبيعات إلى أكثر من 50% والمتوقع زيادتها عن هذه النسبة ، لنشهد حالة من الركود والانكماش الذي يضرب الاقتصاديات بلا هوادة وإن كان ببطء ، والخطورة تكمن في استمرارتدهور المنظومات الصحية وزيادة أعدد الوفيات والمصابين

بالإضافة إلى مخاطر زيادة معدل الفائدة ومخاطر التضخم الذي يعني الانخفاض المستمر في القيمة الشرائية مما يعني انخفاض قيمة الاستثمارات ككل،ليظهر لنا على ما يبدو أن ذلك غائب عن متخذي القرار، وهو أن ضعف أو قوة الاستثمارات هى المؤشر الذي يحافظ على استمرارالوظائف وقوة العمل والإنتاج ، وكذلك الذي يُولد فرص العمل الجديدة التي تستوعب الداخلين الجدد للسوق والباحثين عن العمل خاصة أنه طبقا لتقارير لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا» الأسكوا،فإنه يوجد تراجع في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الذي سجل انخفاضًا عالميا بحوالي 45% في عام 2020وحتى الربع الأول من 2021،ومن هنا تشير توقعات خبراء الاقتصاد بأن العالم مقبل على أزمة اقتصادية جديدة ربما تستمر 3 أعوام وربما أكثر بسبب تداعيات الكورونا على الاقتصاد العالمي، لذلك فإن المتغيرات الدولية تفرض نمطا جديدا للأداء الاقتصادي يحتم علينا وضع استراتيجية واضحة ومرنة لمواجهة هذه الأوضاع وتتميز بالقدرة على تقييم المخاطر المحتملة المتوقعة على المدى القريب والبعيد، لأن مشاكل الاستثمار- حتى في الظروف العادية - تبدأ من عدم تحديد الأهداف الاستثمارية ووضوحها ، لأن الاستثمار في أوقات الأزمات يتعرض لمتقلبات وربما صدمات متتالية تشهدها الأسواق العالمية يحتاج إلى مع حزم من المحفزات والتسهيلات والضمانات ،التي تمكن الاقتصاد من التعافي السريع ، وألا نضع الأغلال في أعناقنا ونكبل أنفسنا بأيدنا ونعزل أنفسنا عن العالم -الذي يتعايش مع الكورونا الآن بلا خوف أو خجل - بقرارات غير مدروسة أو تهتم فقط بجانب وحيد على حساب الجوانب الاقتصادية ، التي لا تقل أهمية عن الاحترازات الوقائية من جائحة الكورونا ، حتى لا نظل نعيش في رؤية سوداوية لآ يعلم إلا الله متى تنقشع، لأن موجات «توسنامي كورونا « الارتدادية والمتحورة والمدمرة ، ربما لا تنتهي على المدى القريب حتى مع استعمال اللقاحات.