بقلم : علي المطاعني
إدارة البيانات الحديثة مسألة في غاية الأهمية، لما لها من فوائد مزدوجة للجهات الحكومية والفرد والمجتمع، إلا أنّ بعض الموظفين في العديد من الجهات ذات العلاقة لا يعون هذه الحقيقة للأسف، فلا يولون تحديث البيانات الخاصة بالالتزامات على المواطن اهتمامًا أو يتغافلون عنها، وبالتالي يلحق الأذى المادي والمعنوي بأخيهم المواطن.
فالكثير من الممارسات التي يندى لها الجبين تحدث في تحديث بيانات القوى العاملة الهاربة رغم بلاغ المواطن عنها، وتسليمه تذكرة السفر للجهات المختصة وغيرها من الإجراءات المفروضة كُرها على المواطنين، فهذه الفئة على سبيل المثال تبقى على ذمة المواطن سواء كان حيّا أو ميّتا، في حين أنّ الحقيقة تقول بأنّ مسؤولية المواطن تنتهي بمجرد الإبلاغ، وتقديم كل الالتزامات، ويبقى العامل الهارب بعد ذلك في ذمّة ومسؤولية الدولة كغيره من المقيمين غير الشرعيين في البلاد، الأمر الذي يتطلّب من الجهات المختصة تحديث البيانات، ومعاقبة كل من لم يقم بذلك، ويكبد الجهة والمواطن أعباء إضافية وإشكاليات هو في غنى عنها نتيجة إهمال عدم التحديث.
علاوة على ذلك يجب كتابة اسم الموظف الذي ينهي المعاملة لتقييم أدائه كأحد الحلول التي يفترض أن يعمل بها للاستفادة المثلى من تحديث البيانات، وعدم الإساءة إلى هذه الأنظمة بسوء استغلالها بشكل غير جيد.
لاشك أنّ الأنظمة الحديثة الخاصة بتحديث البيانات أحدثت ثورة في مجال المعلومات، واختزلت الوقت والجهد، ووفرت الكثير من العمل مقارنة مع الأنظمة اليدوية والعمل الورقي، إلا أنّ الالتزام بتحديث الأنظمة لاسيما المتعلقة بالعلاقة مع الغير أو تترتب عليها التزامات أخرى تتعلق بالآخرين، يجب أن تؤخذ باهتمام أكبر، فللأسف البعض يستهين بذلك، وبعضهم يراكم الأعمال حتى يؤدي ذلك إلى عدم إنجازها كلها.
بل الأمر يطول ولا يكتفي بذلك طبعا، فعندما يقدم المواطن مأذونية لطلب عامل أو عامل خاص ترتفع عليه الرسوم باعتبار أنّ لديه عمالة زائدة عن العدد المحدد طبقًا للرسوم، وربما يدفع المواطن بدون أن يدري أو لحاجته في تلك الساعة، فقط لكون البيانات الموجودة لم تُحدَّث وكل الإجراءات التي اتخذها المواطن لم يتم استحداثها في ملفه الموجود.
وكذلك عدم تحديث البيانات الخاصة بحالات بيع وشراء الأراضي والتملك، فهناك حالات بيع ونقل ملكيات وغيرها من الاستخدامات مازالت البيانات لم تحدث للملاك الجدد، فبقاء الملكيات بأسماء نفس أصحابها قد يثير اشكاليات كالمطالبات على سبيل المثال.
وهناك ممارسات كثيرة في هذا الشأن تتطلب حسن إدارة البيانات، حتى لا يقع المواطن ضحية إهمال موظف استهتر بتحديث البيانات ولم يضعها في ملف المواطن سواء كان تاجرا أو مواطنا بالنسبة للعمالة المنزلية، فلا سمح الله قد يتوفى العامل أو يحدث له مكروه.. فهل يتحمّل المواطن المسؤولية رغم أنّه أنهى كافة إجراءاته قبل سنين ووفقا لما هو مطلوب؟
وهل يحظر على المواطن استقدام عامل ويكتب في القائمة السوداء، لأن الموظف أهمل في عمله ولم يقم بعمله كما يجب من ناحية تحديث البيانات وحذف أسماء العاملات اللاتي هربن- على سبيل المثال لا الحصر-؟
بل إنّ بعض الجهات تُحمّل المواطن تكاليف غرامات تصل لعشرات الآلاف بسبب عمال هربوا، وعندما يراجع المواطن الجهة يقال له عليك غرامات لم تدفعها طوال السنوات الماضية، في حين أنّ المواطن قدم بلاغا ودفع ثمن تذكرة السفر، وتبهدل بشكل كافٍ، وبعد ذلك تكتشف الجهة بأنّ الموظف لديها لم يحدث البيانات، ولولا مراجعة المواطن واحتفاظه بكل الوثائق لكان قد دفع مبالغ إضافية غير ملزم قانونًا بدفعها.
بالطبع هناك من يُسخّر التقنيات الحديثة ويطورها ويضيف فيها، ويلتزم بألا يترك معاملة لا يضيفها، لكن الكثير من الممارسات الخاطئة بدأت تنخر في أجساد تحديث البيانات إهمالا وتسيّبا من الموظفين، ويدفع المواطن ثمن ذلك التقاعس.
نأمل أن تُحدَّث البيانات وألا تهمل المعاملات، نتيجة للالتزامات المترتبة على الجهة والمواطن على السواء، ولا نرغب في أن يتبهدل هذا المواطن من جهة إلى أخرى، ويجلب ورقة تلو الورقة ثمنًا لاستهتار موظف في جهة حكومية مسؤولة.