في يوم السعادة العالمي .. هل أنت سعيد?

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٢/مارس/٢٠٢١ ٠٨:٣٣ ص
في يوم السعادة العالمي .. هل أنت سعيد?

بقلم : خالد عرابي

احتفل العالم يوم السبت الماضي بـ "يوم السعادة العالمي"، وهو اليوم الذي يناسب (20 مارس) من كل عام، وقد اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 28 يونيو 2012 على هامش فعاليات دورتها السادسة والستين كيوم دولي للسعادة، اعترافا بأهمية السعي للسعادة، وهنا السؤال الذي يطرح نفسه: هل أنت سعيد؟ ولماذا لا يشعر البعض بالسعادة أحيانا ؟

بكل أسف هناك بعض الناس ممن أعطاهم الله الصحة في الجسد والعافية في البدن، والعمل والمال والعلم والولد وكثير من النعم ومع هذا تجد أنهم غير سعداء، بل وساخطون على الأوضاع والعالم من حولهم، وتستطيع أن تقول أنهم والسعادة أعداء.. لماذا؟ لأنه ربما نقصهم شيء ما.. أو ربما نظروا فوجدوا بين يدي الغير شيئا ما ليس معهم، أو من وجهة نظرهم أن غيرهم محظوظ عنهم بما أعطي، وهنا تكمن المشكلة الكبرى أو كما يقال: "مربط الفرس".

لماذا يحدث هذا النوع من عدم الرضا ومن ثم عدم السعادة، والذي قد يتبعه السخط أحيانا؟ يحدث ذلك حينما يصاب الشخص بداء النظر إلى ما في يد الغير، فإذا ما كان الفرد منا ينظر إلى ما مع الآخرين، أو إلى ما بين يدي الغير، فهذا يعني أنه "ضاعت منه القناعة"، وحتما ولابد لا ولن يشعر بالسعادة أبدا وبما لديه مهما أعطي من خير .

هناك قصة ما توضح المعنى الحقيقي للنظر إلى ما بين يدى الآخرين، أو نستطيع أن نسميها "النظر في طبق الغير" وهي قصة رمزية تعطى كنموذج لذلك.. تقول القصة أن شخصين دخلا مطعما، وطلب أحدهما وجبة دجاج لأنه لا يحب اللحم، وطلب الآخر وجبة لحم لأنه لا يحب الدجاج، وجاء النادل لكل منهما بطلبه وكان حظهما أن المطعم متميز والشيف كفء فكانت تلكا الوجبتين متميزتين، ومع هذا فطالب وجبة اللحم ينظر إلى وجبة طالب الدجاج ويقول: "أنت محظوظ .. فوجبتك أكبر".. وهنا نجد تجسيد حقيقي وعملي لمعنى "النظر في طبق الغير" وهو أسوأ ما يمكن أن نتصور، لأنه حتما ولابد سيكون هناك فروق فردية بين كلا الوجبتين، من حيث الطبق والشكل والحجم وطريقة التقديم، ولكن في النهاية أعطي لكل منهما ما يحب وما طلبه بنفسه، ولو تأمل من ينظر في طبق الآخر قليلا لأدرك أنه لو جاءت له هذه الوجبة فلن يأكل منها شيئا لأنه لا يحب ولا يأكل الدجاج أصلا.. وبالتالي سيكون عدم النظر إلى طبق الآخرين أو عدم النظر إلى ما بين يدي الغير البداية الحقيقية للسعادة .

وهناك قصة أخرى توضح نفس الأمر وقيل فيها أن مدرب دخل قاعة وقال لحضوره سأنظم لكم مسابقة ومن يفوز سيكون له جائزة قيمة، وأكمل: سأعطي لكل منكم بالونا ينفخه ويعلقه في قدمه وسأترككم لفترة، ومن يحافظ على بالونا منتفخا دون أن ينفجر سيكون هو الفائز بالمسابقة والجائزة.. وما أن استعد الحضور وانتهوا من نفخ البالونات وتعليقها إلا وسارع كل منهم يفجر بالون الآخر ما عدا شخص واحد بعد عن الجميع ولم يفجر بالون أحد ومن ثم حافظ على بالونه ولم يفجر بالونه أحد، وأعلن أنه الفائز لأنه لم يسع إلى الفوز على حساب الغير .. وقال لهم المدرب أتدورن لماذا فاز هذا؟ لأنه أدرك ما قلت لكم: "من يحافظ على بالونه سيكون الفائز"

وهنا نتسائل هل السعادة في المال مثلا؟ ونجيب بقول "الحطيئة" وهو شاعر "مخضرم" أي عاش ما بين الجاهلية والإسلام، حيث أسلم في زمن أبي بكر الصديق، يقول الحطيئة: "ولست أَرى السعادة جمع مال.. ولكن التقي هو السـعيد" فهنا السعادة ليست في المال فقط ومن ثم فهي ليست في شيء بذاته وإنما شعور يأتي من الداخل أولا، ولكن وفي ذات الوقت فإن الحياة بدون سعادة كالسيارة بلا سائق، وكالسفينة بلا قبطان، وكالطائرة بلا طيار، وهي كالجسد بلا روح .

متى يمكن أن يشعر الفرد بالسعادة؟ يشعر الإنسان بالسعادة حينما يشعر أنه راض بما قسمه الله له، وعما أعطاه الله له، وعما بين يديه، وحينما يدرك أن كل شيء بمقدار، وأنه ربما ما بين يدي الآخر لن يصلح له، ومن ثم فلا ينظر إلى ما في يدى الغير.. جعلنا الله وأياكم من السعداء.. وجعلنا ممن يرضون بما قسم الله لهم .