بقلم : محمد بن علي البلوشي
الآن قررت إدارة الرئيس بايدن وهي صاحبة الاقتصاد الأقوى في العالم صرف نحو 1.9 تريليون دولار كمساعدات للأمريكين لمواجهة تداعيات جائحة كورونا..ترى لماذا قرر بايدن خطة التحفيز الاقتصادي؟.
قال بايدن في أحاديث سابقة «الأمريكيون غير قادرين على تدبير الطعام لهم ولأطفالهم..والراتب أو الدخل هو جزء من كرامة الإنسان لئلا يمد يده للآخرين» قد يعطونه وقد يردونه. عصفت جائحة كورونا بنحو 14 مليون امريكي تخلفوا عن سداد إيجارات منازلهم كما يقول بايدن لأنهم فقدوا وظائفهم مع التسريح أو تخفيض الأجور..ستسلم الإدارة الجديدة المواطنين الأمريكيين شيكات مالية بنحو 1400 دولار أي مايعادل نحو 540 ريالا عمانيا- كجزء من مساعدة لهم للاستمرار على إبقائهم على قيد الحياة بشروط وليست مفتوحة فهي تعتمد على الدخل السنوي.وستمدد إعانات الباحثين عن عمل كما انها ستضخ ملايين الدولارات للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة للمساعدة في دفع اجور موظفيها..ساقت الإدارة الجديدة الكثير من المبررات لتمرير خطة الإنقاذ من السلطة التشريعية والتي وافقت عليها.
الأسبوع الفائت قررت الحكومة حزمة إنعاش إقتصادي جديدة مبدئيا تدعو إلى التفاؤل وتطلق إشارات واضحة أن الحكومة مستعدة لإجراء المزيد لإنعاش إقتصادنا المترنح والذي يقع تحت رحمة أسعار النفط..ستبقى الخطة تحت المراقبة والتقييم بمعنى إن لم تؤت الإجراءات الجديدة نتائجها المأمولة فقد تلجأ الحكومة إلى تحفيز بديل.من شأنه المحافظة على تماسك الاقتصاد -القطاع الخاص- فانهياره وتعثره وركوده ليست مصلحة حكومية فهو من يولد فرص العمل وهو من تجني منه الحكومة جزءا من مداخيلها وهو من ينبغي أن يأتي بالعملة الصعبة إلى خزائن المصارف.هل سيكون تحفيزا ماليا؟.
تبدأ خطة الحكومة تحفيزا ماليا لكنه غير مباشر..تتخلى فيها عن بعض الرسوم والضرائب المحصلة من الشركات التي تعاني من تداعيات الجائحة لكنها لن تصرف نقودا مباشرة على الشركات وكذلك الحال بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
الواقع أن كثيرا من الشركات الصغيرة والمتوسطة تستحق الدعم المباشر لاسيما تلك التي توظف عمانيين يعملون بها والتي أضطرت إلى تسريح جزء منهم أو تخفيض أجورهم ومع ذلك حينما تلزم الحكومة هذه الشركات بإبقائهم في أعمالهم فإن خطة التحفيز الحالية ستخفف بعض الإلتزامات التي تدفعها كبطاقات تجديد العمال أو الرسوم والضرائب الاخرى.لكنها مع ذلك تضع هذه المؤسسات تحت ضغط المطالبات المالية المتعثرة والمتأخرة مما يؤدي بكثير من الشركات إلى عدم انتظام دفع الأجور وتأخر دفع أجورعمالها لشهور في المقابل أيضا تتحرك خطة التحفيز على البنوك لتمديد وقف تحصيل القروض للأفراد المسرحين من أعمالهم او المخفضة اجورهم..ولم تعط الحكومة أية أرقام للمتضررين من هذه الجائحة.
الجائحة لم تصب رواتب المواطنين العاملين في القطاع الحكومي فهي مستمرة ومستقرة وهم الشريحة العظمى غير المتضررة وهم يمثلون الأغلبية العاملة في البلاد بينما في القطاع الخاص يمثل الأجانب الأغلبية الساحقة.
لم يفقد المعلمون وظائفهم فالأغلبية في القطاع الحكومي بينما من يعمل في المدارس الجامعات والكليات والمدارس الخاصة أغلبيتهم غير عمانيين ..ضمن خطته قال بايدن إن اكثر من 600 ألف معلم ومعلمة خسروا وظائفهم وستوجه الخطة لدفع رواتب لهؤلاء.. للمدارس المتضررة فهم لن يستطيعوا «إرضاع» اطفالهم لو استمرت الأزمة.
تضررت شريحة كبيرة من العمانيين وغيرهم في القطاع الخاص وتطالعنا الشركات في كثير من الاحيان بتسريح عمالها العمانيين ومايدور على وسائل التواصل ينبيء عن بعض الشرر الذي أوجدته هذه الجائحة «اللعينة» إن مهمة الحكومة تتمثل في الحفاظ على التماسك والأمان الاجتماعي للمتضررين العمانيين العاملين بالقطاع الخاص بينما تتكفل بغيرهم شركاتهم
يبقى أن تعمل الحكومة على مراقبة خطتها وتأثيرها على القطاع الخاص الذي يشغل ويدير عجلة الاقتصاد فبدونه لن تستطيع الحكومة تنفيذ خطة إنعاشه وإعطاءه الدور الاكبر في التوظيف.من المهم أن تقرر الحكومة خطة إنعاش مالي..مقننة ومراقبة.. وفق اشتراطات كذلك..فالإقتصاد لايزال يدور في فلك أسعار النفط وضمن ماتضخه الحكومة من أموال للمشاريع ولم يتحول إلى إقتصاد إنتاجي مما امتد تأثيره إلى بقية القطاعات الأخرى التي تستفيد من دورة رأس المال.
إن كانت الولايات المتحدة ودول أوروبية أخرى قدمت اموالا للشركات المتوسطة والصغيرة وقطاعات مختلفة ولمواطنيها المتضررين لتساعدها على دفع الاجور ومن ثم انتعاش أعمالها فأرى أن ذلك جدير بدراسته وتحليل تأثيراته الإيجابية..من المهم ألا يبقى الناس المتضررون تحت الضغط المعيشي..وهذا ما أدركه بايدن فالجوع بمعايير الحاضر..كافر.