مسقط - أمل الجهورية
قدم البرنامج الثقافي «أبعاد ثقافية» الذي تقدمه إذاعة الشبيبة بالتعاون مع النادي الثقافي في حلقته الخامسة إضاءات تاريخية وأدبية على رواية «يوم سلطانة» لمعاذ الرقادي، التي صدرت مؤخراً عن دار لبان للنشر والتوزيع، والتي تحمل في مضمونها الكثير من الاثارة والتناقضات؛ من حيث وصف المكان، وتنوع الشخصيات ، والتقاء الأحداث ؛ حيث يقدم فيها معاذ الرقادي وصفاً لرحلة السفينة سلطانة وكما أسماها بـ «رحلة البحث عن الجذور من ضواحي موسكو إلى الكابيتول»، ووصف البعض هذه الرواية أنها أحد الأعمال العربية التي تضاهي في عمقها المعرفي وحبكتها المثيرة أسلوب روايات عالمية حظيت بشهرة واسعة كأعمال الكاتب الأمريكي دان براون في رواياته شيفرة دافنشي والرمز المفقود، وأعمال الكاتب الفرنسي غيوم ميسو في أعماله المميزة: سنترال بارك، وغدا وفتاة من ورق وغيرها.
وينسج الكاتب معاذ الرقادي في «يوم سلطانة» خيوط رواية مسلية ومثيرة لجريمة سرقة تمتد جذورها إلى رحلة السفينة سلطانة، في القرن التاسع عشر الميلادي، حيث تكشف سر عقد لؤلؤ مفقود ترجع ملكيته لفتاة عربية مهاجرة، وبمساعدة أستاذ لعلم النفس في كلية موسكو تسعى لفك الشفرات الخفية في تقرير المحقق الجنائي، ليصل بحثها إلى مدينة نيويورك الأمريكية، وتدور في تفاصيل الرواية أحداث غريبة غير متوقعة وهي تتنقل بين ضواحيها المختلفة. عبر مشاهد مضى عليها أكثر من 170 عاما.
ويحاول الرقادي تقديم رواية مثيرة تدور بين سطورها جوانب من تاريخ الإمبراطورية العمانية وعلاقتها بالقوى الغربية حتى منتصف القرن العشرين، وفيها تنتقل الشخصيات بين ثقافات ومدن عدة في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، حيث تمتزج أحداث الماضي باكتشافات الحاضر والتقنية الحديثة؛ وكأن تلك الرواية هي فصل من مغامرة مثيرة تغلفها المتعة ، مع حبكة سردية يمتزج فيها الخيال بالواقع.
وعبر برنامج ابعاد ثقافية أجاب معاذ بن خلفان الرقادي على الكثير من الأسئلة حول تفاصيل تلك الرواية وسبب تسميتها وقيمتها التاريخية والأدبية ؛ حيث أشار إلى أنه حاول من خلال «يوم سلطانة « تقديم شيء مختلف من ناحية أسلوب السرد لأحداث الرواية والمواضيع التي تناقشها، والتي تتحدث عن رحلة السفينة سلطانة وهي من الأحداث المهمة في التاريخ العماني، ولذا كان من المهم أن أقدم هذا الجزء من التاريخ العماني بشكل مثير ومختلف؛ لأن القارئ اعتاد على قراءة الأحداث التاريخية بشكلها الجامد، وقال: أنا شخصيا اعتمدت على الكثير من المتابعة والقراءة للأعمال العربية والعالمية التي بنيت عليها هذا العمل .
التسمية. وعن سبب اختيار المؤلف لمسمى «يوم سلطانة» فأوضح بأن تحديد واختيار الاسم كان يعتمد على وجود عدة مسميات لبعض الروايات باسم «سلطانة» ، منها رواية صدرت لأحد الروائيين العرب باسم سلطانة ، وحتى لايحدث تداخل أسميتها «يوم سلطانة « وكذلك فإن إضافة «يوم» إلى العنوان له دلالة مرتبطة بأحداث الرواية التي حدثت خلال 24 ساعة تقريبا وهي تدور خلال يوم واحد ،مع أن الرواية تقع في 250 صفحة .
تداخل الأحداث وتنوع الشخصيات:
وعن تداخل الأحداث وتنوع الشخصيات في العمل أشار الرقادي بأن التداخل في الأزمنة وانتقاء الشخصيات كان يمثل تحدي كبير فالرواية تتحدث عن رحلة السفينة سلطانة وهي حادثة حدثت قبل 170 عاماً، وأن ندمجها مع أحداث معاصرة حصلت في الأعوام 2013، 2014 ، وأحداث تمت في منتصف القرن العشرين هو أمر غير سهل لكاتب مبتدأ، لأن ظروف الشخصيات لابد أن تكون مختلفة من حيث الزمان والمكان والثقافات حيث أن الشخصيات من أصول عربية، روسية، أمريكية، ومن شرق أفريقيا ولابد من تحقيق الانسجام بينها بحيث لا يشعر القارئ فيها بوجود خلل في تلاقي هذه الثقافات .
التاريخ ملهم للكتابة ...
أكد الرقادي بأن التاريخ مثل له أداة مهمة وملهم في أحداثه وتفاصيله / وكما نعلم أن عمان كانت تعيش تلك الفترة في أبهى عصورها خلال منتصف القرن التاسع عشر الميلادي وكان لابد حتى يتلقى القارئ المحلي والعربي ، ويتعرف على تاريخ هذه الإمبراطورية وعظمة عمان في تلك الفترة ، نتحدث عن دولة امتد نفوذها لمساحات شاسعة من السواحل الغربية للهند إلى الخليج العربي وشرقي أفريقيا وكانت تسير على العديد من المنافذ البحرية، وتعريف القراء بهذا التاريخ لايمكن أن يتم تعريف القراء بطريقة مباشرة ، بل كان لابد من انتقاء أسلوب مشوق يثير القارئ للتعرف على جوانب مختلفة ويخل موضوع الإمبراطورية العمانية كجزء من هذه الرواية بما تختزله من مفاهيم والاحداث حتي يستطيع نقل ذلك التاريخ .
وقدمت الرواية أحداث تدور في مدينتين رئيسيتين في نفس اللحظة بالرغم من فارق التوقيت الكبير بينهما بين مدينة «نيويورك» الأمريكية ومدينة موسكو الروسية في انتقال إلى تاريخ وحضارة هذه المدن ممتزجا بالوقائع المثيرة التي تدور بين الشخصيات المختلفة وقال معاذ الرقادي حول ذلك: هذه النقطة شكلت تحدي واضح في عملية توفيق الأحداث وتدارك وجود أي فجوة في متابعة القارئ للأحداث ، فكان موضوع مراعات فارق التوقيت والأحداث مهم جدا لأحداث وقعت بين مدينتين مختلفتين وكان زمنها يوم واحد ضمن هذه الرواية.
وأضاف الرقادي قائلا: قد حرصت على الحفاظ على عنصر التشويق في هذا العمل والذي يعد جانب مهم جداً وهو الدافع الذي يجعل القارئ يتابع أحداث هذه الرواية، وقد استفدت من الكثير من الروايات العالمية التي استخدمت هذا الجانب، كما أن حرص الكاتب على إضافة عنصر العالمية ضمن الأعمال الروائية يجعل العمل أكثر إثارة وتشويق من خلال تداخل الثقافات الموجودة في هذه الرواية .
ويسعى الكاتب مستقبلاً إلى التوجه نحو ترجمة رواية «يوم سلطانة « إلى لغات أخرى، كما يتمنى أن يجد هذا العمل الاهتمام من قبل المهتمين بتحويل الأعمال الروائية لعمل تلفزيوني أو سينمائي والتي تتعلق بالتاريخ العماني العظيم فأعتقد ان هذه الرواية ستكون باكورة جيدة لإبراز التاريخ العماني وعرضها للعالم وهذا سيساهم في الاثراء المعرفي عن عمان والانسان فيها.
قالوا عن «يوم سلطانة «
وقرأ سعادة الشيخ سالم بن ناصر المسكري الأمين العام السابق لمجلس التعليم العالي رواية «يوم سلطانة « وقال عن ذلك: سعدت جداً بقراءة هذه الرواية، وأخذت بها كثيراَ لموضوعها من جهة ولحسن المفردات وطريقة ترتيب أبوابها، وأجد أن الكاتب معاذ الرقادي قد أبدع في هذا العمل فالرواية تعكس حدث تاريخي كبير وتتحدث عن العلاقات العمانية- الأمريكية في العصر الذّهبي للسُّلطان سعيد بن سلطان البو سعيدي (١٨٠٦ إلى ١٨٥٦م) الذي أرسل بعثة دبلوماسية وتجاريّه على متن السفينة ” سلطانه ” ووصلت البعثة المظفرة إلى نيويورك في ٣٠ أبريل ١٨٤٠م.
وأوضح المسكري بأن هذه الرواية تقدم مادة معرفية كبيرة للأجيال بما تسرده من تفاصيل عن التاريخ العماني ، وأثناء قراءتي لهذه الرواية وجدت أن المؤلف بذل جهداً متميّزا في بيان أحداث روايته وتسلسلها بأسلوب شيّقٍ لم يترك واردةً أو شاردةً إلاّ وأحكم رباطها، وأبان دورها في البناء الكلّي للرواية..الحقيقة، فساهمت تلك اللغة السهلة ، والأسلوب المشوق نقل القارئ والتّحليق به في فضاءات المدن الشهيرة في روسيا والولايات المتحدة.
قيمة تاريخية وأدبية هامة ..
وعن القيمة التاريخية التي تجسدها مثل هذه الرواية قال المسكري: إن المضامين الهامة التي تحدثت عنها هذه الرواية عن العلاقات العمانية- الأمريكية ، ورحلة السفينة سلطانة والمحطات التي مرت بها وقد استطاع الكاتب معاذ الرقادي أن يقدم هذا التاريخ وفق قيمة فنية وأدبية من خلال الأسلوب الذي استخدمه والمزج الجميل الذي حققه بين الأحداث والمزج بينها وبين شخصيات الرواية المختلفة فهي تمثل كنز معلومات حقيقي لمن يقرأها. ودعا سعادة الشيخ سالم المسكري المعنيين بالإعلام وصناعة السينما بالاهتمام بهذه الرواية كونها تمثل مادّةً دسْمةً وحيويّةً جاهزة ، والاهتمام بها يعزز من مكانة السلطنة بتاريخها العظيم ، وهذا عمل جاهز للاستثمار يمكن أن تحشد له إمكانيات هوليوود أو بوليوود ، وهي مشاريع رابحة مالياً ودعائيا ومعنوياً ، وفي ظل التوجه لعمل أفلام لتوثق التاريخ العماني ؛ فرواية «يوم سلطانة» توثق مرحلة مهمة ومفصلية من التاريخ العماني ، خروجه من المحيط الهندي عبر المحيط الأطلسي ووصوله على أمريكا ، وكأنه غزو فضاء في عهدنا هذا.