مسقط - العمانية
تحتفل السلطنة في الثالث من مارس من كل عام مع الدول العربية باليوم العربي للمياه وجاء هذا العام تحت شعار "حافظ على الماء لتحقيق الاستدامة" بهدف تعاون الجميع مؤسسات وأفراد في الحفاظ على المياه، وتعزير الوعي المجتمعي بقضاياه.
وتحرص السلطنة في مشاركتها بهذا الاحتفال من منطلق أن المياه ركيزة أساسية من ركائز التنمية المستدامة التي ينبغي الاهتمام بها وإدارتها وتعزيز الوعي لدى مختلف شرائح المجتمع بأهمية هذا المورد الثمين.
وتعاني الدول العربية نقصا في المياه وتحتل ترتيبًا متأخرًا من حيث توفر موارد المياه العذبة المتجددة وتعد حصة الفرد فيها من المياه الأقل دوليا مقارنة مع مناطق العالم الأخرى وأسباب هذه المشكلة متعددة ومتداخلة بعضها ذو أبعاد طبيعية وبيئية ومناخية كوجود معظم الدول العربية في المناطق المناخية الجافة وشبه الجافة وبعضها الآخر يعود لأسباب اقتصادية واجتماعية.
وقد ترتب عن هذه الأسباب وجود فجوة بين المتاح من موارد مائية متناقصة، والمطلوب لسد الاحتياجات الضرورية المتزايدة، وهذه الفجوة تزداد اتساعا عاما بعد عام وقد قامت الدول العربية ببذل جهود كبيرة من أجل مواجهة هذه المشكلة، وتحديد الأولويات في توزيع الموارد المائية وترشيد استخدامها بالإضافة إلى توطين التقنيات المستخدمة في مجال المحافظة على مواردها المائية.
وتماشيا مع السياسات الهادفة للحفاظ على الثروة المائية واستخدامها بالأسلوب الأمثل في السلطنة وبما يضمن استدامتها، وقامت الحكومة ممثلة بوزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه بتنفيذ مشروع الخطة الوطنية الرئيسية للمياه (2000 – 2020م) الذي ساهم في تحقيق برامج الإدارة المتكاملة والتنمية المستدامة للموارد المائية والمحافظة عليها، وقد تضمنت الخطة تطبيق العديد من التدابير والإجراءات المتمثلة في إدارة إمدادات المياه وإدارة الطلب على المياه وإجراءات ضبط الجودة، بالإضافة إلى تطبيق مبادئ الإدارة المتكاملة للموارد المائية أخذا في الاعتبار دور الجهات الحكومية الأخرى ذات العلاقة وكذلك القطاع الخاص.
وقد واكب تنفيذ الخطة الرئيسة لموارد المياه تطورا كبيرا في البناء المؤسسي والتشريعي الخاص بقطاع موارد المياه، وهناك جهود تبذل في هذا الشأن تمثلت في ترسيخ مبادئ ومرتكزات الإدارة المتكاملة للمياه في إطار الأهداف الأساسية للتنمية المستدامة الموازنة بين الاستخدامات المائية الموارد المتجددة وفق متطلبات التنمية لتحقيق استدامة الموارد المائية بما في ذلك الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والخصائص المميزة لها في السلطنة.
وتعمل وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه على تعزيزالمخزون الجوفي والمحافظة على الموارد المائية من الهدر والاستنزاف ومواصلة الاستكشافات المائية والعمل على تنمية الموارد المائية من خلال إيجاد مصادر مائية جديدة للوفاء بالاحتياجات المتزايدة لمياه الشرب والاستخدامات الأخرى وتحسين معدلات الحصاد المائي وتعزيز المنشآت المائية في مختلف المحافظات، بالإضافة إلى تحسين آليات تقييم الموارد المائية ومراقبة الوضع المائي وبيانات الاستخدامات المائية وتعزيز نظم المراقبة الهيدرومترية ومواكبة التغيرات المناخية وتعزيز سياسات وإجراءات حماية المدن والقرى من مخاطر الفيضانات ، والاستمرار في أعمال صيانة وتأهيل الأفلاج والمنشآت المائية المختلفة وضمان استدامتها.
يذكر أن متوسط هطول الأمطار في السلطنة بلغ في عام 2020م حوالي(123 مليمترا) بينما سجل حوالي (183 مليمترا) خلال عام 2019م.
وخلال شهر مايو 2020م شهدت محافظة ظفار أنواء مناخية استثنائية فقد تساقطت أمطار غزيرة وفيضانات كبيرة بلغ متوسطها السنوي حوالي (398 مليمترا) وتحسن في مستويات المياه الجوفية بآبار المراقبة التي خضعت للدراسة وتدفقات الأفلاج في بعض المحافظات خاصة بالأجزاءالجبلية.
وقـُدّر حجم التدفق السطحي بالسلطنة خلال عام 2020م بحوالي(913 مليون متر مكعب). وقدر التدفق السطحي في عام 2019م في كافةمحافظات السلطنة بحوالي (303 مليون متر مكعب).
وتعد السلطنة من البلدان ذات الموارد المائية المحدودة حيث تقع ضمن حزام المناطق الجافة وشبه الجافة ويتراوح معدل هطول المطر السنوي ما بين أقل من (25) مليمترا في الأجزاء الصحراوية و(50) مليمترا في السهول و (200) ملم في المناطق الجبلية وخلال الأعوام الخمسة الماضية فإن عامي 2019 و2020م يُعدان الأعلى في معدل الهطول، خاصة في لأجزاء الواقعة شمال السلطنة حيث احتجزت سدود التغذية الجوفية وسدود الحماية التابعة للوزارة والتي يبلغ عددها (54) سداً كمية من المياه قُـٌدرت بحوالي (121 مليون متر مكعب) وتمثل حوالي (13%) من إجمالي التدفقالسطحي خلال نفس العام، واحتجز سد وادي ضيقة (17.7 مليون متر مكعب) خلال العام نفسه.
وفي إطار الحفاظ على الموروث الحضاري المهم وبما أن الأفلاج تعدّ منالمنشآت المائية المهمة في السلطنة والتي يبلغ عددها (4112) فلجاً قامتالوزارة على تقديم الدعم المادي والفني من أجل صيانة وتعزيز الأفلاج وذلك من خلال تضمين مشاريع صيانة الأفلاج في جميع خططها التنموية ورصد الموازنات المالية اللازمة لها، وتهدف هذه الجهود إلى رفع كفاءة نظام الأفلاج فهي أحد أنظمة الري الرئيسة المستخدمة في السلطنة.
وتعدّ السدود من أهم المنشآت المائية لحجز كميات من المياه للتغذية الجوفية أو لتزويد القرى البعيدة باحتياجاتها المائية، حيث أثبتت السدود جدواها في التقليل بصورة واضحة من حجم كميات المياه التي كانت تضيع هدرا في البحر، وساهمت في الحدّ من العجز المائي وتوفير الحماية للبُنى الأساسية من مخاطر الفيضانات المتكررة وتقوم الوزارة كذلك بعمل العديد من الدراسات الاستشارية لدراسة الجدوى لاختيار أنسب المواقع لإقامة السدود والمنشآت المائية بمختلف المحافظات للحصول على قدر أكبر من الحماية والتغذية للخزان الجوفي.
ومنذ عام 1985م وحتى نهاية عام 2020م بلغ عدد السدود التي تم أنشاؤها (169) سدا منها سدود التغذية الجوفية وسدود الحماية من مخاطر الفيضانات وسدود التخزين السطحي بسعة تخزينية إجمالية تقدر بحوالي (325) مليون متر مكعب.
ولتحفيز زيادة هطول الأمطار باشرت الوزارة في مشروع الاستمطار الذي يهدف إلى تعزيز كميات هطول الأمطار وزيادة منسوب المياه الجوفية وتستخدم السلطنة محطات البواعث الأيونية التي تعمل على نشر الأيونات سالبة الشحنة، وتنقل هذه الأيونات بواسطة ذرات الغبار والهواء الصاعد إلى السحب لتحفيز زيادة هطول الأمطار ويبلغ عدد المحطات حاليا (12) محطة استمطار، ومن خلال دراسة مدى توفر الظروف المناخية المناسبة - تم إنشاء محطات الاستمطار - مثل الرطوبة النسبية وحركة الرياح والارتفاع المناسب للمحطة وكثافة السحب وغيرها، والدراسات الفنية مستمرة على مستوى جميع المحافظات لمعرفة الأماكن التي يمكن أن يتم تركيب محطات الاستمطار بها إذا توفرت العوامل البيئية والمناخية والطوبوغرافية لذلك ولا تقع ضمن نطاق التأثير للمحطات الحالية.
والجهود التي تقوم بها الوزارة في مجال الاستغلال الأمثل للموارد المائية والمحافظة عليها وتفعيل وتعزيز دور التوعية المائية والشراكة المجتمعية في إدارة الموارد المائية هي جهود تشاركية يشترك فيها الجميع إلى تحقيق الاستغلال الأمثل للموارد المائية وضمان استخدامها بصورة مستدامة والمحافظة عليها.