بقلم : محمد بن علي البلوشي
إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها لن يرضى الناس في أي دولة بالعالم على حكوماتهم..لايوجد بشر يرضون جميعًا على أداء حكوماتهم..وهي حالة لا ينبغي أن تؤخذ كحالة طارئة، فالناس نفوس وكل نفس قد تسقط ماترغب فيه على الحكومة.هناك المستفيدون الذين يرضون على الحكومة وهناك شبه المستفيدين الذين يهمهم أن تبقى مصالحهم مستمرة عبر شبكة علاقات غير مباشرة وهناك من يرون أن الحكومة ليست بذات كفاءة وهم الأولى أن يقوموا بتسييرها -أعني بها في كل الدول- ولذلك وجدت البرلمانات ووجدت الانتخابات..يعبر الناس فيها عن أداء الحكومة وتقييمها..تسقط حكومة بالتصويت..بالأغلبية لربما 70% مقابل 30% في البرلمان وتفوز حكومة بالانتخابات بين 55% مقابل 45% التي ترى أن الحكومة السابقة جيدة وأداءها ممتاز ..لكنهم لاينقسمون وانقسامهم ليس في الشارع بل في البرلمان.فتغلب الحزبية على تشكيل التوجه السياسي للناخبين..ومن ثَّم تواجه الحكومة الجديدة المنتخبة معارضة جديدة كما نرى في الدول ذات نظام الانتخابات والتي لاتحكمها إيديولوجية إجتماعية أو دينية. في 2015 طردت مارين لوبان زعيمة «الجبهة الوطنية» الفرنسية والدها جان ماري لوبان من الحزب ليس ذلك فحسب بل دخل الأب وابنته في سجال سياسي «شاهر جاهر»عن الحزب أمام الملأ..قررت مارين بدء إجراء تأديبي بحق أبيها في الحزب..والحزب كالعشيرة ينتمون إلى أفكار واحدة لكنهم ليسوا رابطا إجتماعيا بل سياسيا..هنا استطاعت ماري أن تطرد أباها من الحزب بينما في مجتمعاتنا لانستطيع -افتراضيا-أن نعزل زعيم عشيرة حتى لو كان بذلك السوء.هنا هو الفرق بين ثقافتين متباعدتين في التفكير الإجتماعي والسياسي.هم أولئك ونحن هؤلاء.نبايع الحاكم ونعلن له الولاء والطاعة فهو يقسم على انه حامي مصالح الوطن والمواطنين وساهر على سلامة أراضي البلاد..وحكومته مهمتها تنفيذ توجيهات ولي الأمر التي تنبع من ثقتنا فيه..حسناً هل يعني ذلك أن نصمت على تصرفات الحكومة مثلا ..أعني بالتصرفات تبديد الأموال ..سوء التخطيط .. تغليب مصالح فئوية..استثراء مجموعة على أخرى من مقدرات الدولة..كلا لا أحد يقبل بذلك ولذلك تسن الدولة المسؤولة التشريعات والقوانين الرادعة والكيانات والهياكل الإدارية التنظيمية التي تحد من ذلك. لدينا حكومات مشكلة بطبيعة النظام السياسي الذي يعتبره الجميع مرجعا ومقوما لأداء الحكومة فنحن لانملك نظاما جمهوريا لنقول إن الحاكم ينحاز إلى حزبه فالحاكم قبل كل شيء بحسب الثقافة ولي أمر وأمره مطاع وهو الذي يتولى قيادة وتوجيه البلاد والحكومة لتقدم البلد فهو مرجع للجميع والحكومة لن تنحاز لفئة على فئة فالانحياز لصالح الوطن لا لصالح عشيرة أو منطقة أو فئة معينة أو أتباع والدولة العادلة والحكومة الرشيدة هي من تحتضن الجميع، فالآراء تقاس ليس بمدى تأثيرها وحسب بل بمصداقيتها فليس إن أراد الناس شيئا لربما غير منطقي ان تسارع الدولة لتلبيته فتبقى المصالح العليا هي الأعم..ومتى ما وثق الناس بحكومتهم ونظامهم السياسي فإنهم يدركون أن أحوالهم أمانة والحاكم هو حافظ الأمانة والراعي على حمايتها وحماية مصالح البلاد والعباد. بين الحين والحين بدأت الحكومة في التجاوب مع الآراء سواء التي تتحدث بواقعية وغيرها لترد عليها ..الحقيقة أنني أثق بصدق بالردود الحكومية فهي تحمل الأمانة والصدق فليس هناك ماتخشاه فهي من المواطنين وهي مساءلة امام المقام السامي وان خبأت شيئا فإن للدولة مؤسساتها التي تدرك الحقائق وتضعها امام ولي الأمر إن أقتضى الامر.وان كان من مظلمة فالقانون هو الفيصل. وإن كانت البيانات التي تصدر من الدوائر الحكومية ومؤسساتها للتوضيح فتلك حالة صحية تدل أن الرأي مقدر والصواب هو الذي تسعى الدولة لتطبيقه. الدولة والحكومة المسؤولة هي التي تضع القوانين التي تحارب الفساد والمحسوبية واي تجاوز على النظام والقانون والذي يضر بمصالح الوطن أو ينتقص من العدالة والمساواة الوسطية بين أبنائها..هي التي تستمع لأبنائها وهي التي تنصفهم ولاتسمح لأي متنفذ بأن يطغى على مصالح الدولة التي هي مصالح الامة-المواطنين-. تنضح وسائل التواصل الاجتماعي بكل الآراء، الغث منها والسمين كل أحد يقترح وهناك من يتهم وهناك من يريد أن ينقض على الاخرين ويفترض رأيه صوابا وهناك من يرى أن التدبير الذي لايحقق النتائج المرجوة هو فشل واخفاق ويحتاج صاحبه والمسؤول لمشنقة ومحاكمة..لاتقاس الأمور في الدول ذات الأنظمة السياسية التي هي منبثقة من النظام الاجتماعي هذا الطغيان النقدي..هذه في الأنظمة الثورية وأنظمة الإنقلابات .حينما تستحوذ فئة على مقدرات الأوطان ومااكثرها في المنطقة.ثم تبدأ مجازر الإنتقام..نحن لانعيش في أنظمة دموية..الآراء العاقلة لها ألف تحية.