مسقط - الشبيبة
بقلم: محمد الرواس
إن الحاجة للتجارة هي سمة فطرية إنسانية قام بها الإنسان واستخدم موارده الطبيعية فيها ، وتبادل حركة التوزيع والنقل والشحن والتصدير والتخزين للبضائع عبر المحيطات ، واليوم اصبحت التكنولوجيا بجانب الارض، والعمل ، ورأس المال تعمل على زيادة نجاح الموانئ مع الإدارة الحديثة والتسويق عبر استثمارات متعددة ، عموماً ان المنفعة المتبادلة لمدارس الفكر التجاري تعتبر هي القوة الدافعة لتطوير التجارة العصرية وبالتالي زادت أهمية الاقبال على الموانئ ذات المواقع الاستراتيجية ، ولم تغفل الدول أهمية التخطيط لتوفير الشحن قليل التكلفة وسرعة التبادل للبضائع المتبادلة ، والشحن كان ولا يزال ثروة من ثروات الامم كما يرى «آدم سميث» حيث اشار الي انه يمكن ان يفتح اسواقاً أوسع للتخصص ومحفز للتنمية الاقتصادية ( كتاب ثروة الامم) .واليوم عندما نتحدث عن تنمية قطاع الموانئ العُمانية ، ومساهمة ذلك في تفعيل نشاط خدمات الموانىء البحرية ، نتحدث عن أهمية وجود هيئة لسلطة تشريعية للموانىء بالسلطنة ؟ وبالتالي انتعاش الاقتصاد الكلي وتنميته وتطويره ، فبلا شك اننا نبحث لتطوير تاريخ عظيم للتجارة البحرية العُمانية ، سواء من مواني شحن، أو موانىء حديثة تواكب المتغيرات واحتياجات التجارة البحرية والتغييرات الإدارية التي تساعد على استخدام التخصص في إدارة الموانىء الدولية ، وهو امر سيكون له تأثير مباشر على جلب وجذب الاستثمارات وبالتالي انعكاسه على الناتج المحلي فيصبح قيام هيئة سلطة الموانئ مرتبطا في المساهمة بالتنمية الاقتصادية وبرؤية عُمان 2040.
إن الاستثمارات المطلوبة لبناء نمو متوقع خلال العقود القادمة لمناطق الموانىء العُمانية البحرية هو أمر لا يتجزاء من التجارة الدولية بالمحيط الهندي ، فهناك ثروات ووظائف عالية الدخل، وتنمية اقتصادية متوقعة سوف تجنيها المناطق القريبة من الموانىء والمناطق التي تقع فيها وحولها ، والحقيقة ان موانىء مثل ميناء روتردام ، وسنغافورة وغيرها تُعد أيقونات نجاح يحتذى بها دولياً لانها تتمتع بميزات كونها ذات ميزات نسبية وحزم وتسهيلات تجارية ، وذات ثقافة وانجازات ، ووفقاً للجنة الاقتصادية والاجتماعية لآسيا والمحيط الهادي فقد تمكنت هولندا من الحفاظ على معدل نمو اقتصادي مرتفع نسبياً بسبب ميناء روتردام ، على الرغم من وجود هذا الميناء في بيئة شديدة التنافس في أوربا ، اما سنغافورة كدولة فيعود نجاحها الي نجاح ميناء سنغافورة نفسه في جذب الشركات الأجنبية في التصنيع والتجميع ، مع تطوريها لمنظومة مراكز لوجستية دولية مثالية للنقل واستراتيجية للشحن والتفريغ والتخزين والتصدير واعادة التصدير وما يعنينا في هذا المقالة هو كيف سيتم ذلك في ميناء صلالة وصحار والدقم وخصب ؟ وهي موانىء بمراتب اقل لكن ذات ميزات أفضل ، عندها لابد ان نتحدث عن تدخل الحكومة لرفع مؤشرات التنمية بالولايات الساحلية التي تحتضن هذه الموانىء ، بجانب وضع تشريعات قانونية وتسهيلات خاصة لها ، بالإضافة الي العديد من خطط البنية الأساسية لتهيئة المناخ العام لمدن الموانىء.
إن الموانىء ذات تاثير في التنمية الاقتصادية للدول ماضياً وحاضراً ، وبقربها قامت مدن عبر العصور والازمنة، ونحن في عُمان ، وبالتحديد في ولاية الدقم لنا تجربة رائدة ( المنطقة الاقتصادية الخاصة وميناء الدقم والاستثمارات الكبرى بالمنطقة ) فمثل هذه التجمعات الاقتصادية قرب الموانىء ذات تاثير قوي لإيجاد نوافذ، ومنافذ للتجارة البحرية ، وتجتمع حولها المصالح المختلفة للدول من خلال عمليات الشحن بالتحديد وهو أم التجارة البحرية ، وياتي بعد ذلك التفريغ واعادة التصدير، والصناعات والخدمات وما الي ذلك ، واليوم المراكز اللوجستية والارصفة المتخصصة ، والموانىء الرئيسية ، والموانىء المساندة كلها مؤشرات مطلوبة للنجاح..واخيراً ياتي دور الناقل البحري الذي تكمن قدرته على نقل البضائع بسعر اقل وتكلفة ارخص ، ولقد قام العديد من سلاطين عُمان في القرون الفائته باستخدام هذا التكتيك الذكي من خلال استخدامهم للاساطيل الحربية للبحرية العُمانية لنقل البضائع فكانت كميات اكبر تُنقل ، وبسعر أقل ، وسرعة أكبر، واليوم موانينا العُمانية تنتظر الابتكارات وتطوير منظومة النقل البحري ، وزيادة في سفن شركة عُمان للنقل البحري ، واحداث نقلة كبرى في تطوير الموانىء من الناحية التكنولوجية ، وزيادة اعداد الارصفة المتخصصة وتعميق الغاطس البحري ، وايجاد تسهيلات اكبر واسرع في مناولة البضائع ، واستخدام أحدث وسائل التقنية في ذلك لكي تحافظ على فرصها في المنافسة العالمية للنقل البحري ، بجانب زيادة المرافق للموانىء بهدف جذب مزيد من الأعمال للتعامل مع الأنواع المختلفة من البضائع والطرق لخدمتها ، وربط ذلك بالمطارات وسكك الحديد في مقبل الوقت.