مسقط - الشبيبة
بقلم: علي المطاعني
دور وزارة الإسكان والتخطيط العمراني بالغ التعقيد ومتشابك المصالح ومتباين التوجهات، والتوفيق ما بين دورها الحيوي والصالح العام ليس بالسهولة التي يعتقدها البعض، فالمواريث أراض وعقارات، وملاكها أحياء وأموات، كلها وجميعا تتداخل وتتشابك مع أراضي الدولة وتفصل بينها شعرة قد لا تُرى بالعين المجردة، فإدخال الخدمات من قبل الجهات المختصة وتوزيع وبيع تلك الأراضي بالعدل الحصيف كلها من مهام الوزارة.
هذا الواقع يقابله في الشارع الكثير من إيماءات وعلامات عدم الرضا ومطالبات بين الحين والآخر بالتبديل والتغيير بين إمتلاك المواطن أراض على إختلاف استخداماتها ووفق نظام الاحقية ومدى توافرها جميعها إشكاليات يصعب حصرها ميدانيا.
فاللجان المحلية في كل ولايات السلطنة خلفت مشكلات في تمليك الأراضي بطرق عدة كالصكوك ووضع اليد على أراضي الدولة، كما أن التمديدات بين الممكن والمستحيل اضافت عبئا ثقيلا وتداخلا بين الإستحقاقات العامة والمصالح الخاصة، لذا فإن إدارة هذه الوزارة يُعد من الصعوبة بمكان، ومع ذلك وفوق ذلك فإن إنجازاتها كبيرة أيضا، ومن أهمها ووفق لغة الأرقام فإن نسبة إمتلاك السكن بالسلطنة وصلت إلى 91% كثاني دولة في العالم في هذا الشأن، وبلغت عدد الوحدات السكنية المنفذة خلال العشرة أعوام الفائتة 3.184 وحدة، وهناك 19.561 وحدة تم تنفيذها كمساعدات إسكانية، وهناك 34 موقعا لمخططات نموذجية بمختلف محافظات السلطنة تم تحديدها وتسميتها، هي أرقام ونسب تثلج الصدر وتعكس صدق الجهود النبيلة الرامية لتوفير الحياة الكريمة للمواطنين، ولعل طرح الوزارة رؤيتها في إدارة هذا القطاع يجعل المواطن يطمئن أكثر لما يجري في هذا المجال المهم والحيوي في حياتنا جميعا.
بلاشك أن قطاع الإسكان كغيره من القطاعات التنموية التي تحظى باهتمام الحكومة من خلال منظومة إسكانية متعددة في منح الأراضي على إختلاف استخداماتها بنظام التملك الحر بخلاف الكثير من الدول، أو الإقراض الإسكاني الإجتماعى أو القروض الإسكانية للشرائح الأخرى في السلطنة وتعدد الجهات الموفرة للقروض الإسكانية المدنية والأمنية والعسكرية، كل ذلك أسهم بشكل كبير في دفع عجلة التنمية العمرانية بالبلاد وهذه حقيقة ساطعة لا ينكرها أحد، والأرقام خير شاهد على ذلك.
ولعل الخطة التي عرضت في اللقاء الإعلامي لمعالي الوزير تبرهن على صدق هذا التوجه عبر الإلتزام بمبدأ الشفافية والمكاشفة، هي بالقطع حقائق قادرة على دحض الشائعات وما يثيره البعض من شكوك لا أساس لها من الصحة بإعتبارها منطلقة بدوافع شخصية محضة.
إن ما أنجزته وزارة الإسكان والتخطيط العمراني في 100 يوم من العمل ليس بسيطا في وزارة كما أسلفنا يكتنف العمل فيها الكثير من الصعوبات، لذا فإن القول بأن الوزارة تستخدم عصا لها سحرية قد يكون هو الوصف الملائم لما تفعله ولما تنجزه.
لم يأت شكر معالي الوزير للوزراء السابقين الذين تعاقبوا على الوزارة ولما حققوه من إنجازات إعتباطا، لقد إنبثق الشكر بعد معاناة ال 100 يوم من العمل المضني والدؤوب، وبما إشتمل عليه من من جهود حثيثة وفاعلة في ملاحقة من امتدت أياديهم لأملاك الدولة بغير وجه حق وفي الخطوة تأكيد ناطق على مبدأ العدالة وإحقاق الحق وقطع دابر الفساد والإفساد.
بالطبع المسؤوليات كبيرة وجسيمة على الإدارة الجديدة للوزارة وهي مؤهلة للإضطلاع بدورها ومسؤولياتها في خضم كل هذه التحديات والإشكاليات، لكن يجب علينا أن نوقن من حقيقة أننا في مرحلة إنتقالية كبيرة إزاء تغيير ذهنية المجتمع ليغدو قادرا على تقبل الأفكار والرؤى وإتباع التقنيات الحديثة أو التحول الرقمي الذي قال عنه معالي الوزير إنه يقوم بالدور الرقابي كما ينبغي ولا يتيح أي أستثناء لأحد حتى للوزير نفسه.
نأمل أن توفق الإدارة الجديدة للوزارة في مهامها الصعبة، وأن نعمل جاهدين على التعاون معها بإيجابية ولتضيف بعدا نوعيا من رحيق الإنجاز ولما فيه مصلحة الوطن والمواطن.