مسقط - الشبيبة
صدر عن الأهلية للنشر والتوزيع كتاب بعنوان "طائر اليمّ.. حكايات جنى الخُطى والأيام"، يتضمن السيرة الذاتية للمفكر الفلسطيني فهمي جدعان.
يتضمّن الكتاب سيرة ذاتية للمؤلّف الذي مزج بين الهمَّين الشخضي والجمعي في توثيقه لمسيرة حياته التي شكّلت نكبة 1948 مفتتحاً أساسياً لسردها، ومرجعية لرصد التحولات في المشهد العربي عبر أكثر من سبعة عقود.
ويُبرز الكتاب بأسلوب يجمع بين الكتابة الأدبية والفلسفية، المحطّات الحياتية المفصلية في مسيرة جدعان، ويوثّق علاقته بالأمكنة التي زارها وجال فيها خلال رحلته الأكاديمية والبحثية، ويتوقف عنذ أبرز الوجوه التي رافقته وأثّرت به.
كتب الشاعر زهير أبو شايب عن هذه السيرة: "إنها ليست مجرّد سجل خاصّ لصاحبها، بل هي، في موازاة ذلك، سجلّ عامّ للذات الجمعيّة الفلسطينيّة، التي تشبه طيور التمّ في هجراتها الطويلة المضْنية وصمتها على الألم وقدرتها العظيمة على التحليق؛ ولذا فإنّ كلّ تلك الآلام التي رصدها جدعان في هذه السيرة، لم تجعل منها سيرةَ (ضحيّةٍ) كما يُفترَض، بل حوّلتها إلى أمثولة تراجيديّة يواجه فيها البطل أقداره بعناد، دون أن يكلّ أو ييأس أو يفكّر في النصر أو الهزيمة".
ويرى أبو شايب أن هذه السيرة "مغايرة"، لا لأنّها ترصد "تغريبة" الجسد الفلسطينيّ خارج المكان فقط، بل لأنّها "ترصد أيضاً حركة وعي مقاوم لم يتبعثر، ولم يغترب، ولم تنل منه (النكبة)، وهذا ما يجعلها نقيضاً فعلياً لمعنى البعثرة الذي تحفل به النصوص السيريّة الفلسطينية".
ويضيف أبو شايب: "أكثر ما شدّني في (طائر التمّ)، بالإضافة إلى لذّتها الأدبيّة، تلك اللغة الجسورة المسنّنة التي لا تهادن ولا تراوغ ولا تمرّ على الأشياء مروراً آمناً، بل تخمش وتنكأ وتحفر وتخز وتترك علاماتها على كلّ شيء". خاتماً بقوله إنّ أكثر ما يحتاج إليه كاتب السيرة هو "تلك الجسارة التي تؤهّله لا للنظر إلى الخلف فقط والتحوّل على إثر ذلك إلى عمودٍ من الملح، بل للتحديق في عتمات الذات والعالم، والاجتراء على الرؤية".
أما الناقد فيصل درّاج، فيتحدث عن هذا الكتاب قائلاً: "في كل سيرة ذاتية مَلْمَح روائي، وفي كل كتابة روائية طيف سيرة ذاتية"، مضيفاً أن جدعان جمع في "طائر التِّم" بين الرواية والسيرة، وأنتج سيرة روائية بصيغة الجمع، احتضنت تعددية زمنية واضحة المفاصل، استُهلِّت بالنكبة، وتابعت تحوّلات عالم عربي طويل الاحتضار، ورصدت أقدار "لاجئ" يلبّي إرادته ولا ينصاع إلى أحد.
ووفقاً لدرّاج، تتكشف في "طائر التِّم" ذاكرة واسعة، احتفظت بجروح الزمان وبمتواليات من طلبة ومفكرين شهيرين، عرب وغير عرب، تعاملتْ معهم السيرة بمعيار الكيف الأخلاقي والنزاهة الثقافية.
ويؤكد درّاج أن جدعان "أنجز سيرة ذاتية يتكامل فيها الأدبي والفلسفي ببلاغة مركّبة.. نسجَها بمتواليات حكائية متحاورة توسّطها (لاجئ) غدا علَماً ثقافياً، متطور المعرفة".