مسقط - الشبيبة
بقلم: علي المطاعني
مع تقديرنا للحراك الإجتماعي في الأوساط المحلية ومناقشة الهموم الوطنية والتفاعل معها إيجابا أو سلبا، والإستفادة من المناخ الإعلامي الذي يتيح المزيد من الحرية في الطرح والتناول، إلا أن حالات التشنج والتنمر والخروج عن المعتاد في التعاطي مع الشأن المحلي في المناقشات أمر يجب ضبطه حتى لا يتحول إلى ظاهرة تصعب السيطرة عليها بعد التمادي في استغلال المساحة المتوفرة للنقد المباح، عبر تعمد الإساءة بألفاظ جارحة وتصفية الحسابات الشخصية والتلاسن المفضي للتشابك، كل ذلك لايصب في خانة المصلحة العامة حتما.
فالإخلال بأدبيات النقاش والحوار ليس مكانه وسائل الإعلام، فالتواصل الإجتماعي يجب أن يقنن ليغدو بلا إفراط ولا تفريط في الثوابت الإخلاقية التي تحكم العلاقات الإنسانية بين الجميع وفي إطار الحرص على العلاقات الأخوية بين أطراف الحوار.
بداية لانرغب أن ينسينا الجدل المحتدم حول الإجراءات الحكومية الأخيرة نظرتنا الموضوعية لمعالم المستقبل وذلك بالمزيد من العمل الدؤوب للتغلب على التحديات الماثلة وليس بالجدل السفسطي الذي يعمد للنأي عن جوهر الحقائق أو تصويرها بنحو مغاير للواقع، وفي النهاية وكنتيجة حتمية يصل الجميع مرغمين لا مكرهين للدرك الأسفل من ساحة الحوار البيزنطي العقيم فيحدث هذا الذي نحن بصدده من تراشق وكيل للإتهامات بدون أدله أو حقائق يمكن الركون إليها والإنطلاق منها لتكوين رأي قادر على الصمود في وجه الموجات المتتالية من النقد البناء القائم على الحقائق الباهرة والقادرة على خطف الأبصار.
فهذا الخطاب الشعبوي الذي يتمادى فيه البعض لإستعطاف الشرائح في المجتمع وركوب الموجة خلف كل ما يثار في الأوساط المحلية، وما يكتنف ذلك من كيل الإتهامات جزافا، هو أمر لاينبغي المضي فيه، ويمكن في مطلق الأحوال وصفه بأنه تفريغ لشحنات سالبة لا أكثر، وأنها وفي إطار الوصول لتلك الغاية الهلامية أخذت منحنيات عديدة وتشكيلات مختلفة ومتباينة وفي كل تلك الأطوار لا نجدها تحوي في جيناتها العوامل القادرة على إيجاد حل لأي إشكاليات أو خلافات كانت، إذن هي رحى تدور بغير أن نرى طحينا لها، اللهم إلا إنهاك الأنفس وصعود وتيرة الشهيق والزفير بغير طائل، مع ما يقترن ذلك من ضياع للوقت والجهد سدى.
هذه الظواهر يمكن تشبيهها كالصيد في المياه العكرة إن جاز لنا التعبير، وإذ هي لاتقدم جديدا، ولا تفرز حلولا، وما تتركه خلفها طعم المر على الألسن المتعبة بجهد الصياح لا أكثر ولا أقل، فضلا عن ترسيبها لقدر لا يستهان به من الكراهية والغل في تلكم النفوس المجهدة.
بالطبع مساحة حرية التعبير المتاحة وإذا ما فقدت بوصلتها فإنها ستؤدي بنا إلى نهايات مؤسفة، فالمجتمع قد يجد نفسه وقد تحزب وتكتل كل يريد الإيقاع بالآخر وإذ هو ينظر إليه كعدو وليس كأخ وصديق وشقيق وأب وأم وقريب وحميم، وهنا تكمن عمق المأساة كنتيجة طبيعية لهذا الذي يحدث.. نأمل أن لا ننساق خلف الخطابات الشعبوية العبثية في مجملها، ففي ثناياها يختلط الغث بالسمين أو بالثمين أيهما كان أقرب للتصديق، وبما أن للغث دائما صوت أعلى وجهور فإنه قادر على صم الآذان وإجبارها على الإنقياد بعد أن يسلبها إرادة القدرة على التفكير القويم وراء الخطابات الشعبوية التي تحوي في ثناياها السم، إذن هي ظاهرة تؤجج المشاعر وتقلب الحقائق وتصفق للإفك، عليه لابد من قرع نواقيس الخطر.