مسقط - الشبيبة
بقلم : علي المطاعني
من القضايا التي أُشبعت نقاشا في الساحة المحلية قضية الأساتذة في الجامعة التقنية والعلوم التطبيقية ، الكليات التقنية سابقا ، بطرح مناقصات لتوفير أساتذة للكليات من الشركات المؤجرة للعمالة ، وفوارق المبالغ التي تمنح للأساتذة وبين ما تأخذه الشركة من الحكومة ، وبروز حالات بعدم الرضا وسط الأساتذة العُمانيين ، وكيف أن الشركة تتجه نحو الأرخص سعرا في مناقصة توفير الأساتذة من شبه القارة الهندية وغيرها من مكامن أشباه الأساتذة من حملة الماجستير فقط ، وانعكاسات ذلك على الحقل الأكاديمي عبر سقوط ضحايا من الطلبة والطالبات عندما تُخرج تلك المعاقل أشباه خريجين كمردود طبيعي لما يحدث.
ما يضاعف الدهشة أن الأساتذة والدكاترة من المواطنين يعملون مع الشركة وفق المبدأ القائل (مكره أخاك لابطل) ، فلا الدكاترة يرغبون في العمل في الشركة بنظام رواتب النصف بالنصف أي الشركة تأخذ 50% من قيمة العقد بدون عمل مكلف نظير المبلغ ، بين أستاذ مواطن أو مواطنة درس في أعرق الجامعات ويعمل في بلاده من خلال وسيط يخصم نصف راتبه بتوجيه من الحكومة نفسها عبر طرح توفير كوادر اكاديمية للمناقصات ، وحالة عدم الرضا التي تعتري هذه الكوادر وانعكاساتها على نفسياتهم ومعنوياتهم واداءهم الأكاديمي بالمقارنة مع إخوانهم.
الأمر الذي يفرض على الجامعة التقنية والعلوم التطبيقية أن تدير هذا الجانب من من الآن وصاعدا إذا رغبت في الإرتقاء بالمجالات الأكاديمية ، فالتعليم لا يخضع للمناقصات التجارية ولا يمكن أن يمضي قدما للأمام عبر وسطاء العمولات فهو أرفع وأسمى من ذلك دون ريب ، وهذا المنحى يعد تبخيسا لهذا الجانب المهم ، وهذا ما ينبغي الإقرار به إذا رغبنا في توفير تعليم جامعي عالي المستوى يضاهي ما توفره جامعات العالم المرموقة.
فاليوم مسؤولية الجامعة كبيرة في حلحلة هذا الجانب بنحو جذري كجزء من منظومة إصلاح التعليم الأكاديمي في كليات الجامعة ومرافقها البحثية والفنية ، فالتعليم لايمكن أن يُنظر إليه خدمات التنظيف يمكن أن تُسند لشركات ولايمكن أن يُطرح للتناقص وتقديم أقل الأسعار للفوز بالعرض ، ليست هناك أصلا مساومة على التعليم ، فهذه الجزئية يجب أن تُحظى بإهتمام إدارة الجامعة بشكل كبير لإعادة التعليم الأكاديمي إلى قواعده الصحيحة المعروفة كجزء من الجهود المطلوب بذلها مع الجهات الحكومية المختصة.
الجانب الآخر فإن الأولوية في التعيينات يحب توجه للمواطنين من حملة شهادات الدكتواره والماجستير، فمن حقهم أن يعملوا في بلادهم فهم وفي كل الأحوال أفضل من غيرهم في الأداء وفي الحرص على أبناءهم وبنياتهم وأخوانهم وأخواتهم ، وهم الأكثر جدية وهم الذين ينظرون للعملية التعليمية كمهنة ورسالة في آن معا.
على ذلك فإن على الجامعة غربلة وتصفية العاملين الأجانب بكلياتها وإستبدالهم بمواطنين مابرحوا في صفوف الإنتظار ويتطلعون بشوق ولهفة لخدمة وطنهم ، ومنهم متقاعدين في الجامعات على استعداد على العمل بنظام العقود ، فهذا الجانب يجب أن يُحظى بذات الأولوية أيضا و نرغب أن تكون هناك إيجابية واضحة في هذا الشأن من خلال إعلان نسب العاملين المواطنين في المجال الأكاديمي في كل كلية على حده ، مع توضيح خطة الجامعة أو الكلية بشأن التعمين والإحلال.
بالطبع هناك جهود تُبذل في هذا الشأن وينقصها التنظيم ، فهي مابرحت مبادرات فردية لن تحل الإشكالية حلا جدريا وهو ما يجب أن تبدأ فيه الجامعة كجزء محوري من إلتزاماتها ومسؤولياتها في إدارة العمل الأكاديمي ، فتمكين الكوادر الوطنية في التعليم العالي من شأنه أن يرتقي بالتعليم بشكل نوعي ، بخلاف إسناد توفير الكوادر لشركات لا علاقة لها بهذا المجال بإعبتارها شركات وساطة لا أكثر .
نأمل أن نشهد إنفراجا كبيرا في هذا الجانب الذي يمس بنحو مباشر مستقبل أبناء الوطن سواء أكانوا طلابا أو أساتذة أجلاء ، كما أن مستقبل الوطن برمته وتقدمه ورفعته مرهون أو مرتهن بتنظيم هذا الجانب فطلاب اليوم هم أنفسهم قادة الغد ، وهنا يكمن الخطر كله.