مسقط - الشبيبة
بقلم:محمد محمود عثمان
تفاقمت صعوبات فرص الحصول على وظيفة جديدة في الحكومة أو حتى القطاع الخاص، وتتفاقم معها مشاكل البطالة والباحثين عن العمل، وجاء”وباء كورونا” فزاد الأمر تعقيدا بعد أن اصيبت الاقتصاديات بالشلل ومع التوقف شبه التام للحياة في مختلف الأنشطة والخدمات
فهل يستسلم الباحثون عن عمل ويقبعون في منازلهم لعل السماء تمطر عليهم ذهبا أو فضة ؟ .. وهل تتخلى عنهم الحكومات وتتركهم للضياع ؟ أم ماذا ؟
ولاشك أنها أسئلة بسيطة في شكلها ولكنها عميقة في مضمونها ، خاصة إذا اردنا تجنب الآثار السلبية لذلك على الفرد والأسرة والمجتمع ككيان لابد أن ينعم بالاستقرار الاقتصادي والسياسي والاجتماعي لأن فئة العاطلين عن العمل في البلاد العربية من القنابل الموقوتة التي تهدد أمن وسلامة المجتمع ، وإغفالها أو التغافل عنها جريمة في حق الجميع ، وفي ذات الوقت هناك مسؤولية في المقابل تقع على عاتق الباحثين عن عمل أو المتعطلين ، تتمثل في السلبية ‘ وعدم محاولة تنمية وتطوير الذات والاعتماد على النفس لتتواكب مع مقتضيات الواقع ومتطلباته في إطار الفرص المتاحة للاستفادة منها ، من منطلق” أحصل على ما تستطيع وابحث عما تطمح فيه أو تتمناه “، لتحقيق أولا : المستوى المعيشي الضروري، ثم ثانيا : المستوى الذي تسعى إليه والأحلام التي تتمناها ،وفي سبيل ذلك على الشباب التعامل بمرونة مع نوعيات الوظائف المتاحة بدون التأفف منها أو النظر إلى مستواها أو دونيتها من وجهة نظرهم ، التي ربما تدر دخلا وفيرا لا يتحقق في الوظائف الحكومية أو القطاع الخاص وهذا ايضا يفرض علينا وضع سياسات واضحة تركز على تغيير ثقافة العمل والعمال للتعاطي مع هذا الواقع ، بإعادة هيكلة الأفكار المجتمعية حول متطلبات العمل والوظائف المستحدثة في العشر سنوات القادمة وتهئية الشباب لممارستها والتفاعل معها، من خلال التوعية الثقافية المكثفة لتكريس ثقافة العمل، وتعديل معتقدات وفكر المجتمع والأسرة لتقبل هذه الوظائف واحترام العاملين فيها بدون أن تنفر منهم أو تُنفر منهم أو تعمل على احتقارها على أن تركز هذه السياسات في استخدام كل وسائل الاتصال المتاحة في الإعلام ومن خلال الدراما المتنوعة والفنون الراقية في الأغاني الشبابية والمسرح أو السينما والأفلام والمسلسلات الإذاعية والتلفزيونية ،والبرامج والمنتديات الثقافية والعلمية ، ومن خلال المناهج الدراسية في مراحل التعليم المختلفة ، حتى تترسخ هذه الثقافة في الأذهان والوجدان والاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة من خلال “السوشيل ميدا”
في التواصل مع المتلقين بدون يأس أو ملل، حتى تصل الرسالة للجميع لعدم احتقار المهن البسيطة طالما أنها مهنا شريفة وتمثل قيمة مضافة إلى من يعمل فيها وإلى المجتمع ، و بغض النظر إلى الشهادات الدراسية أوالمستوى التعليمي ، وتقدير كل من يعمل بها أو أقبل عليها لكسر حاجزالرؤية المجتمعية أو حاجز الخجل و الخوف من ممارسة هذه المهن الشريفة تقديسا لقيمة العمل،ونشر ثقافة التدريب على المهارات الفنية التي تغطي احتياجات سوق العمل من الفنيين والتقنيين - هذا إذا كان لدينا بيانات أو إحصاءات - لأن ثقافة العمل تساعد على اكتساب الخبرة والإتقان في العمل والثقة في النفس.
وحفاظا على ثروتنا البشرية وعلى تنميتها ، فمن الضروري أن تجد فئة العمال الذين يقتحمون مجال العمل في المهن البسيطة التكريم والاهتمام وتسليط الضوء على جهودهم واختياراتهم، لتشجيع الآخرين على الانخراط معهم في نفس الطريق للتغلب على معضلة البحث عن العمل في أسواق العمل التي تفتقد للفرص الحقيقية، وحتى يتمكن هؤلاء من مواجهة تحديات إنتهاء عصر النفط أو نقص الموارد وعجز الموازنات التي تعاني منها الكثير من اقتصاديات الدول وخاصة النامية والتي تعتمد في مواردها على العائدات النفطية والمتذبذبة بالصعود حينا وبالهبوط والتراجع أحيانا كثيرة . وعلينا أن تستعد لتصدير الأيد العاملة المدربة الفائضة عن الأسواق المحلية ، حيث أكدت المفوضية الأوروبية بعد ازمة فيروس كورونا - على ضرورة العمل على جذب المهاجرين الاقتصاديين إلى أوروبا، بما يتماشى مع احتياجات دولها المتغيرة