مسقط - الشبيب
تمكن فريق طبي بمستشفى جامعة السلطان قابوس من إنقاذ حياة أم في مقتبل العمر تعاني من تسلخ الشريان التاجي الأيسر المغذي للقلب والشرايين الفرعية، وقد رافق العملية استخدام تقنية جديدة تنم عن مهارات متقدمة لدى الفريق الجراحي تمثلت في استبدال ثلاثة شرايين في القلب تكللت بالنجاح، ويتم توثيق العملية الجراحية ونشرها كورقة علمية في إحدى الدوريات العلمية العالمية المحكمة لتعم الفائدة بين المختصين في جراحة القلب والصدر حول العالم.
أجرى العملية فريق طبي من الجراحين ترأسه سعادة الدكتور هلال بن علي السبتي – الرئيس التنفيذي للمجلس العماني للاختصاصات الطبية – طبيب استشاري أول جراحة القلب والصدر كما ضم الفريق كل من الدكتور عادل بن هاشم الكندي طبيب استشاري أول جرحة القلب والصدر والدكتور دافرون مقددروف اختصاصي أول جراحة القلب والصدر وعدد آخر من الأطباء في مجال التخدير وفنيي التروية والممرضين.
حالة طارئة تعاني من الام في الصدر وضيق تنفس
عانت المريضة – وهي أم لثلاثة أطفال أصغرهم يبلغ من العمر ثمانية أشهر – من آلام في الصدر وضيق تنفس، تم إسعافها إلى أحد المستشفيات المرجعية في السلطنة وأظهرت الفحوصات التشخيصية الأولية ارتفاعا في إنزيمات القلب. وأجريت لها قسطرة قلبية أظهرت وجود تسلخ في أحد الشرايين التاجية التي تغذي القلب، وعولجت المريضة عن طريق الأدوية في المرحلة الأولى. إلا أن الأعراض عاودت المريضة من جديد وتم تنويمها في المستشفى وتبين لديها ارتفاع في انزيمات القلب من جديد، وأجريت لها قسطرة قلبية للمرة الثانية أوضحت تمدد التسلخ في الشريان التاجي إلى الشرايين الفرعية.
تدخل مستشفى جامعة السلطان قابوس
بعد التواصل مع الطاقم الطبي في مستشفى جامعة السلطان قابوس استقبل الفريق المعني الحالة المرضية وبعد مشاورات بدأ العلاج بحسب بالبروتكول الطبي المتبع والمتمثل في مراقبة استجابة المريضة للعلاج الدوائي واختفاء الآلام حتى استقرار حالتها الصحية إلا أن الأعراض عاودتها مرة أخرى أثناء تنويمها في المستشفى، وصاحب الآلام ارتفاعا في الإنزيمات وبعض التغييرات في فحص تخطيط القلب.
قرار صعب وعملية عاجلة
اتخذ الفريق الطبي قرارا صعبا بإجراء عملية عاجلة بغية إنقاذ حياة المريضة وذلك لان عدد الشرايين التاجية التي امتد التسلخ لها أكثر من المعتاد وهو ما يحصل في ١٠٪ فقط من الحالات، كما أن الألم كان مستمرًا والتسلخ يتمدد للشريان الأهم واحتمالية الوفاه كانت مرتفعة جدا بسبب تدهور الحالة المرضية، ولكن التحدي والمخاوف التي واجهت الفريق هي احتمالية فقدان حياة المريضة أثناء العملية أو بعدها مباشرة، أو عدم مقدرة القلب على العمل مرة أخرى بعد فصل الأجهزة المستخدمة لضخ الدم والتنفس في عمليات القلب المفتوح، رغم أن احتمالية الوفاة أكبر في عدم إجراء الجراحة أيضا.
لم يكن أمام الفريق الطبي والمريضة حل سوى اتخاذ القرار الحاسم بإجراء عملية صعبة وخطيرة، إذ واجه الفريق الطبي تحديا آخر أثناء العملية بملاحظة إصابة جميع الشرايين في الجانب الأيسر بتسلخ كامل مما استدعى لاستبدالها وزراعة ثلاثة شرايين أخرى – واحد من الصدر واثنين من الساق – وبعد ساعات طويلة قضاها الفريق الطبي في غرفة العمليات محاولا إنقاذ حياة المريضة، تكللت العملية بالنجاح ولله الحمد.
من غرفة العمليات إلى مناقشة رسالة الدكتوراه..
تابع الفريق الطبي عن كثب حالة المريضة منذ تنويمها في المستشفى وحتى تحسن صحتها بشكل كبير بعد العملية وصولا إلى مرحلة التعافي، وبعد خروجها من المستشفى عادت لممارسة حياتها الطبيعية ومتابعة مسيرتها التعليمية واستطاعت مناقشة رسالة الدكتوراه (عن بعد) في إحدى الجامعات بالمملكة المتحدة، واجتازتها بنجاح.
التسلخ التلقائي للشريان التاجي...
ويعرف "التسلخ التلقائي للشريان التاجي" بأنه أحد الأمراض النادرة وغير الشائعة، التي تصيب الشرايين التاجية للقلب وتحدث بصفة أكبر لدى النساء الأقل عمرًا من خمسين عاما، وتتمثل الأعراض بالشعور بأوجاع في منطقة الصدر قد تتمدد لليد والكتف الأيسر مع الشعور بضيق للتنفس، واحتمال عدم انتظام دقات القلب.
ومن الممكن أن تسبب هذه الحالة الوفاة المفاجأة، وذلك بسبب تمزق وتسلخ داخل الشرايين التاجية وحدوث الجلطة بسبب نقص تدفق الدم لعضلة القلب، ويجب التفكير بهذا المرض خاصة إذا كان هناك ارتفاعا لأنزيمات القلب مع الأعراض وتخطيط القلب. وقد لا يكون لدى المريض أية عوامل قد تسبب تصلب الشرايين كمرض الضغط والسكري وارتفاع الدهون، وقد تكون هناك أمراض أخرى كأمراض الأنسجة المناعية أو التهاب الأوعية الدموية العام أو الضغوطات الجسدية أو النفسية أو الحمل أو من ولدت حديثاً، مما يجعل المريض أكثر عرضة للتعرض لهذه الحالة من المرض.
ويعد الشريان التاجي الأمامي الأكثر تأثرا بنسبة ٤٢٪، وفي١٠٪ فقط من الحالات يصاب أكثر من شريان، وهذا ما حصل لهذه المريضة كما أن ندرة هذه الحالة تكمن في التمدد الرجعي للشريان الأيسر الرئيسي والذي يسمى بصانع الأرامل في بعض الأحيان. وكما هو متعرف عليه أن حوالي ٨٥٪ من الحالات يتم علاجهم بالأدوية و١٠٪ يتم علاجهم عن طريق القسطرة والدعامات بينما فقط أقل من ٥٪ من الحالات يتم لها إجراء عملية جراحية لزراعة الشرايين لإنقاذ المريض من الموت المفاجئ بسبب النوبة القلبية أو فشل القلب أو عدم انتظام دقات القلب، وهناك تقارير علمية تثبت عودة المرض في بعض الحالات النادرة أو حدوث انسداد للشرايين المزروعة، ولكن يجب متابعة الحالة ومعالجة المشكلة بالتدخل المباشر والمحافظة على الصحة العامة وتجنب المسببات إن وجدت.