شُكْرًا لِقَابُوسٍ.. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَنَا

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٠٨/نوفمبر/٢٠٢٠ ١٧:٢٧ م
شُكْرًا لِقَابُوسٍ.. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَنَا

د. رضية بنت سليمان الحبسية 

الثامن عشر من نوفمبر من كلِ عام لم يكن فقط احتفالًا بالعيد الوطني في بلادنا، بل قصة عشق بين شعب وقائد، استمرت ما يقارب الخمسين عامّا، تتجددُ عامًا بعد عام، ممزوجة بمباهج الفخر والاحتفاء بمنجزات تتوالى في ظل قيادة سلطاننا الراحل قابوس بن سعيد طيّب الله ثراه. وها نحن على مشارف اليوم الموعود، الذي لطالما انتظرناه بلقاءِ أب محب لأبناءٍ أوفياء، حيث نترقب النداء العسكري «مولاي جلالة السلطان، طابور قواتكم المسلحة جاهز، فهل تأمرون ببدء الاستعراض مولاي؟».

ولنا مع مسيرة النهضة المباركة، محطات من الذكريات، التي نالت معها الفتاة العُمانية نصيبًا وافرًا من منجزات عُمان الحديثة؛ التي تجعل من ولائها واعتزازها أنموذجًا يُتباهى به دهورًا. فلك مولاي شكرًا خالدًا وإن لم تكن اليوم بيننا، فستبقى الذكرى عالقة، مع تعاقب محطات قادمة.

ومع صوت النهضة سأظل أُنادي سنينًا: وأنا المرأة لي في العيد لسان، تلهج بالشكر لما أعطاني السلطانِ. بيتي ما عاد خواء فيه البهجة ألوان، وأنا حاملة الراية لي في بلدي معوان، كانت المحطة الأولى حينما التحقت بالتعليم النظامي في عام 1977م، فكان مشهدًا من الذاكرة لم يغب.

ففي زيارة مديرة المدرسة وإحدى المعلمات لقريتنا الهادئة؛ حيت يقمن بمهمة تسجيل صغيرات قريتي للالتحاق بقطار التعليم، كانت لي ولقريناتي فرصة التعليم في مدرستنا الأولى التي ينتظم فيها الذكور صباحًا، والإناث مساءً. إذ لم يكن الحال كحال اليوم، بتهافت وسعي أولياء الأمور في انتقاء المدارس؛ لتعليم أبنائهم. فحظ الفتاة لمن تلتحق بالتعليم في تلك الفترة، يكاد حدثًا استثنائيًّا وبختًا عظيمًا؛ لتباين إدراك ووعي الأسر لأهمية تعليمها. وبصوت النهضة نادى: « فالعلم لنا نور لا يمنعه حرمان، وبعهدك يا قابوس عز الإنسان، وتباهت بالسعد ونيل الخير الأوطان».

ففي مجال التعليم خاصة، تحقق وعد باني عُمان الأبي قابوس الأغرّ، بتوفير خدمات التعليم في كل شبرٍ من أراضيها، من رياض اأاطفال إلى مؤسسات التعليم العالي، فكان حقًا بناء الإنسان العُماني فكريًّا ومعنويًّا. وعلى المستوى الشخصي، كانت لأحد أبرز المحطات مع مفترق الطريق بختام المدرسة النظامية إلى التعليم العالي؛ حيث خطوات التدريس الأولى تتشكل خلال عاميّ التأهيل التربوي بإحدى كليات المعلمات، فأُتيحت لنا فرصة المشاركة في بناء عُمان مبكرًا، كأوائل الدفعات بين فتيات ولايتي، ممن نلن شرف العمل في قطاع التعليم، مُلبيين صوت النهضة: « قابوس للمجد تبادى، فابنوا معه الأمجادا، يا أبناء عُمان الأجوادا»، ولأنّ الطّموح يَكبُر مع آمال أَبينا الراحل، لم نتوقف عند مستوى تأهيليّ أولي، بل سعينا للتقدّم بتقدّم الإنجازات التعليميّة.

ومع توسّع برامج ومخرجات جامعة السلطان قابوس، كان لنا حظًا آخرَ في بكالوريوس الإدارة المدرسية؛ لتمثل قاعدة الانطلاق إلى الشهادات العليا. ولشغف الدراسة ونهل العلم بتفوق وجدارة؛ كان لنا موعد مع حلم التتويج على مسرح الجامعة في حفل تخرج مهيب. فتلك إحدى الفرص التي تساوت فيها المرأة العمانية مع أخيها الرجل في الحصول على أعلى مراتب العلم؛ لتحلق بثقة نحو بناء عُمان يد بيد مع الجناح الآخر.

إذًا فلنصدح بصوت النهضة مُنشدين: «سنرى للعلم معاهد، وسنبذل كل الجهد لنبقى مع آمال القائد. أمجاد عمان ستعود بفضل التوجيه الرائد»، وتستمر الإنجازات في بلادي، وتتنوع في قطاعات ومجالات الحياة كافة؛ لتكتمل مسيرة البناء، حتى كان لها شأن بين الأمم، بفضل الله وفكر وتوجيه القائد. الذي وعد، وخطط، فأنجز. فغدت اليوم عُمان من أقصاها إلى أقصاها تزخر بمنجزات النهضة المباركة: الاجتماعية، الاقتصادية، والسياسية. فعمّ الخير للفرد والمجتمع، وتبوأت عُمان مكانة تفخر وتفاخر بها الأجيال. فحق لنا القول بصوت النهضة: « تيهي يا أرض عُمان، تيهي يا خير الأوطان، فخرًا لتراث الأجداد. فيا أسطولا خاض بحار وبنى للفخر منار يا جيشا أجلى البرتغال بالشعب نساء ورجال»، ختامًا: إنّ عُمان اليوم في حُلل تطيبُ معها الحياة؛ حصيلة خيرات مسيرة استمرت 50 عامًا، بدءًا من الوحدة الوطنية، الأمن والأمان، التنمية الشاملة، العلاقات الدولية، ورسالة السلام، فشكرًا لأبي قابوس شكرًا.