مسقط - الشبيبة
بقلم : محمد محمود عثمان
تسعى الدول إلى تطبيق سياسات إحلال الوظائف وهو من الجهود المطلوبة في بعض اسواق العمل التى تكتظ بالمهارات الوطنية المدربة القادرة على الإنتاج والأداء الجيد الذي لا يؤثر بشدة على مصالح كل الأطراف ،وإذا كانت السياسات الحمائية للوظائف وللأيد العاملة الوطنية مطلوبة وبشدة ، ولكن ليس في كل الظروف التي تحكم آليات العمل حيث تحتاج بعض الوظائف والمهن إلى خبرات تراكمية وقدرات شخصية، قد تفتقر إليها بعض أسواق العمل ، وهنا تصبح السياسات الحمائية في غير محلها - وإن كانت تحقق فوائد وقتية - نظرا للنتائج السلبية التي تصاحب ذلك، وتضر كثيرا بمصالح الأفراد وشركات القطاع الخاص والمستثمرين من الداخل والخارج، كما أنها تتعارض مع اتجاهات العولمة في الاقتصاد العابر للقارات ، وينعكس ذلك مباشرة على المجتمع وعلى الاقتصاد ، لأن النقص الشديد في الأيدي العاملة الوطنية الماهرة والمدربة القادرة على تحمل مسؤوليتها في عمليات التنمية الاقتصادية المستدامة، وفي الوظائف الخدمية والإدارية ،ظاهرة تسترعي النظر، على الرغم من زيادة حجم البطالة وأعداد الباحثين عن عمل أو البطالة المقنعة،وكلها تمثل محاور الأزمات الاقتصادية ، لما لها من تأثيرات سلبية اقتصادية وسياسية واجتماعية كارثية ،خاصة في حالة وجود اتجاهين متضادين هما : تزايد الطلب على العمال الأجانب المستقدمين من أصحاب الخبرات وتنامي عدد المواطنين العاطلين نتيجة لزيادة النمو السكاني وتفاقم أعداد الداخلين الجدد لسوق العمل ،الذي يمثل سمة بارزة من سمات الخلل في منظومة إدارة التنمية البشرية ، وعدم ارتباط مخرجات التعليم باحتياجات الإنتاج،مما يضعنا أمام معادلة صعبة في كيفية تطبيق الإحلال بدون إخلال ، على الوجه الصحيح ، حتى لا تتأثر سلبيا قطاعات المجتمع وأنشطته المختلفة ، في ظل متطلبات العمل من الوظائف المستحدثة في العشر سنوات المقبلة وضرورة تهيئة وإعداد الشباب لها وفق استراتيجية مرنة قادرة على الموائمة في تحديد المهن والوظائف التي يحتاجها السوق.
وكذلك بالنسبة للاستثمار والمستثمرين الأجانب والمحليين الذين يحرصون على وجود ضمانات قوية للحفاظ على حقوقهم عند اللجوء للقضاء أو التحكيم ،لأن غياب الخبرات والمهارات الكافية لدى القضاء الواقف وهم المحامون يؤثر على مصالحم واستثماراتهم التي تقدر بالبلايين وقس على ذلك الآثار السلبية لغياب الخبرات المتخصصة في مجالات النفط والطيران والسياحة والصحافة والإعلام والهندسة والعقارات والإنشاءات التي تؤثر على الأرواح والأنفس وعلى الاقتصاد ورجال الأعمال.
ولاشك أن الأمور تحتاج إلى المزيد من التخطيط ، من منطلق أن «مالا يدرك كله لايترك كله»ولابد من المحافظة على مصالح الجميع ،وهذه هى المعادلة الصعبة التي سوف تستمر، لأنها من أكبرالتحديات ، إذا ظل سوق العمل العربي يعاني من الخلل الكبير في مستوى المهارات لدى القوى العاملة في مواجهة منافسة الأيدي العاملة الوافدة ، وفي مواجهة متطلبات الاستثمارات الجديدة ،والتكنولوجيا المتقدمة.