بقلم : محمد رامس الرواس
إن سلطنة عمُان بموقعها اللوجستي الفريد ، تعُد مرفأ تجاريا عالميا ، سواء بسواحلها التي تزيد عن 3000 كيلو متر، أو بخلجانها البحرية النادرة، او من خلال مواقع موانيها شبه الطبيعية ، لقد كانت ولا تزال عمُان عبر العصور والازمنة ذلك البلد التجاري الأمن الذي ينشده التجار والدول والشركات والمؤسسات للاستفادة من المكانة المميزة والمعاملة الحسنة والبيئة التجارية المستقرة ، ومن أجل ذلك حققت عمُان عبر تاريخها البحري المجيد تفوقاً على كافة الاصعدة خاصة البحرية منها.
واليوم في ظل المنظومة الحكومية المتجددة والموانئ العمانية الكبرى ، والهيئة العامة للمناطق الاقتصادية والمناطق الحرة التي ينتظر منها أن ستلعب الدور الاكثر فاعلية لربط الموانئ العمانية بالصناعات وخدمات الاستيراد والتصدير والتخزين وغيرها من سبل لتيسير اقامة منظومة لوجستية متكاملة.
لقد قطعت السلطنة خلال الخمسين عاماً الفائتة في مجال النقل البحري الكثير من الانجازات عبر اقامة أربعة من أهم الموانئ الإقليمية بالمنطقة ، مرفوده بمناطق اقتصادية ومناطق حرة بحرية وبرية ، تهدف الى تحقيق واحدة من أفضل الاقتصاديات الناشئة بالمنطقة ، خاصة بالثلاثة موانئ الكبرى :صحار ، والدقم ، وصلالة وجميعها ذات ميزات نوعية بالخدمات اللوجستية العالمية، والتي اضحت اليوم جاذبة للعلامات التجارية الكبرى، سواء من خطوط الملاحة او الشركات الدولية التي تبحث عن المرافئ الاستراتيجية الاقتصادية الاكثر استقراراً وموقعاً استراتيجياً وخدمات متطورة لترتبط معها.
ومن اجل ذلك فان سرعة تنفيذ تكامل منظومة الخدمات اللوجستية المتكاملة من خلال خدمات تخصصية مثل الارصفة المتخصصة للبضائع والمواد ، والمراكز اللوجستية ، والعمل بأحدث تقنيات الخدمات الاكثر تطوراً بالموانئ من أجل سرعة الانجاز وتقليل الوقت ، بجانب سن المزيد من القوانين والتشريعات ،وتوفر تعرفة تنافسية جديدة لخدمات الشحن والمناولة ، بالإضافة الي التوسع في المخازن اللوجستية ذات النوعية التي تتطلبها نمط الموانئ الحديثة كل ذلك وغيره يمكن للسلطنة أن تلتحق بسلسلة الموانئ العالمية التي ارتفعت بها مستويات الانتاجية والدخل ،ولتصبح جزء من سلسلة الامداد العالمي التي تغطي حركته التجارية جزء كبير من مناطق العالم ، حيث ان هذه السلاسل تستقطب رؤوس الاموال الاجنبية والشركات التي تتواجد على خارطة الاستثمارات العالمية الموفرة لاشتراطات الخدمات اللوجستية المطلوبة .
إن الوضع الاقتصادي العالمي الراهن في ظل المتغيرات الجديدة التي فرضتها جائحة كورنا في مجال النقل البحري وخدمات الموانئ والاعمال اللوجستية يفرض على الدول التي تهدف لتقديم لخدماتها اللوجستية العالمية مثل السلطنة أن ترتبط موانئها بالمناطق الحرة والاقتصادية لديها، ولقد انجزت السلطنة هذا الشق بإنشاء الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية والحرة مما سيجعل موانئ عمُان شريكا في مجال الأعمال اللوجستية المتكاملة بالاقتصاديات الناشئة الجاهزة للالتحاق بسلسلة الأعمال اللوجستية العالمية.
مما سبق لا يختلف اثنان على أن الاقتصاد العالمي الجديد في طور المتغيرات القادمة والتي قد بدأت بوادرها خاصة في مجال النقل البحري تحتاج الي موانئ جديدة بمواقع استراتيجية، وهذه الفرصة يمكن ان تقتنصها السلطنة لتعيد مجدها البحري التجاري الذي حققت فيه عبر التاريخ الكثير من النجاحات ساعدها في ذلك موقعها وحضارتها وسلاطينها وربابنتها المهرة وتجارها الاذكياء ، واليوم من خلال المتغيرات المتوقعة في مجال النقل البحري ستحصل الموانئ الحالية والقادمة على فرصتها بإذن الله بالكامل من خلال توفيرها القوانين واللوائح والتشريعات التي ستفسح الطريق للشركات والاستثمارات العمانية والخليجية والاقليمية والاجنبية.
إن شركات الملاحة العالمية التي تدير خطوطها التجارية العالمية ما ان تتاح لها وجود اقتصاديات بحرية ناشئة وآمنة مثل السلطنة ، فأنها بلا شك تتجه للاستثمار بها في ظل ما تقدمه هذه الموانئ بمناطقها الاقتصادية والحرة من خدمات متكاملة وتحقق تطلعاتها التجارية التي تقدم أفضل الحلول اللوجستية.
ختاماً إن الحكومة والقطاع الخاص ينتظر منهم المزيد من المساهمة في زيادة الاستثمارات في الموانئ والمناطق الاقتصادية والحرة لتصبح هناك منظومة اقتصادية متكاملة ، والتي من خلالها يمكن توفر فرص اكبر للشركات العمانية المحلية ولرواد الاعمال جنباً الي جنب مع الاستثمارات العالمية في هذا المجال ، وعليه فان ضخ المزيد من الاستثمارات في مجال النقل البحري وخدماتها ، بالإضافة الي رفد المناطق الاقتصادية والحرة بمزيد من التسهيلات سيضع السلطنة كاقتصاد نأشي ضمن خارطة الاقتصاد العالمي الجديد.