بقلم : محمد محمود عثمان
الظلال الكئبية لجائحة كورونا ستظل آثارها محفورة في قطاعات المجتمع لفترات قادمة ،لأن تحديات هذه المرحلة خطيرة وتداعياتها مدمرة للاقتصاديات الضعيفة وحتى المتوسطة ، وقد نحتاج إلى وقت أطول لتحسين التوقعات السلبية التي فرضتها هذه الجائحة، إذا استمر العجزعن ضخ سيولة كافية لتعيد الحياة من جديد للاقتصاد ولو على مراحل، حتى يمكن الوصل إلى حالة التعافي الاقتصادي المنشود، لأن التفاؤل بالوصول لعلاج ناجع أو مصل وقائي من كورونا ، خلال النصف الثانى من عام 2021 في أحسن الأحوال، لم يغير كثيرا من الأثر السلبى لخسائر الاقتصاد بصفة عامة، ومنه قطاع البنوك -الذي يعتقد البعض أن دورها مفقود -والمؤسسات المالية وشركات التأمين التي تتأثر وتؤثر في كل الأنشطة الحياتية ، خاصة أن البنوك لم تقرا جيدا معطيات المسارات الاقتصادية ، ومن ثم لم يكن لديها القدرة على تقدير الخسائر الائتمانية المحتملة ، ومع تعمق الأثر الاقتصادي للوباء، لم تمتلك الخطط والاستراتيجيات البديلة للانتقال من فترة الإغلاق الكامل والتخفيف التدريجي للقيود في معظم المناطق.
إن العودة إلى الوضع الطبيعي لإعادة الحياة للأنشطة الاقتصادية من جديد ، يحتاج إلى وقت وصبر حتى تسترجع الشركات قدرتها الإنتاجية كاملة ، وأن تتخذ البنوك المركزية إجراءات حاسمة لمساعدة البنوك ،للمحافظة على متانة الملاءة المصرفية ،وفتج مجالات وقنوات جديدة لاستيعاب المدخرات المحلية،وعدم مطالبتها باحتياطيات ومخصصات إضافية ،لمواجهة الديون المتعثرة حتى تتمكن من تأجيل استحقاقات القروض ومواجهة زيادة معدلات تعثرالزبائن وإطلاق مبادرات جديدة لتمويل المشروعات الصغيرة، وإعادة هيكلة مديونيات القطاعات الإنتاجية المتعثرة في القطاع الخاص ، وأن تكون هناك تسهيلات حقيقية للشركات والمؤسسات التي تحتاج إلى تيسيرات ،ولدعم المشاريع الوطنية والمشروعات الصغيرة والمتوسطة ،التي تعاني من عدم القدرة على الوفاء بالأجور والمرتبات وبالتزامتها الأخرى تجاه الآخرين ومنها المستحقات الإيجارية ، وتحفيز المستثمرين الدوليين والمحليين ، وأن تطرح شركات الاتصالات والمياه والكهرباء حزمة من التسهيلات لتسوية مستحقات الفواتير، مع التقسيط لفترات طويلة ، والا تقف صناديق التقاعد والصناديق الاستثمارية المحلية بعيدة عن المشاركة بحصص أكبر في السوق المحلي ، حتى نعبر هذه الأزمة بأقل الخسائر، ونحقق التوازن والثقة في السوق، وبغير ذلك فإن الكارثة الأكبر أن ينهار الاقتصاد ونحن في موقف المتفرجين أو المنظرين.