علي بن راشد المطاعني
من التغييرات المهمّة التي أصدرها حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق، نظام المحافظات والشؤون البلدية بالمرسوم السلطاني السامي رقم 101/2020، وما تضمّنه من تحوُّل كبير في تعزيز الإدارة المحلية في السلطنة، واتّباع نظام اللامركزية في إدارة الشؤون المحلية والبلدية للولايات ليعزز من دورها وينمّي مواردها ويستوعب أبناءها في مفاصل العمل فيها، وتتمتع فيه المحافظة بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري وتكون لها أهلية تملّك الأموال الثابتة والمنقولة وإدارتها والتصرّف فيها، الأمر الذي يشكّل نقلة نوعية في تغيير أساليب الإدارة في المحافظات والولايات ويرسّخ الإدارة المحلية ويقلل الضغط على المركز.
بلا شك أنّ السلطنة من الدول التي تصلح فيها الإدارة المحلية للمحافظات والولايات باعتبار أنّ التقسيمات الإدارية لها وتكويناتها الجغرافية وتوزيع الولايات فيها تُسهم في إنجاح هذا النظام بتوافر كل مقومات نجاحه بما يُسهم في تسريع التنمية وإشراك المجتمعات المحلية في إدارة الأمور وتكامل الأدوار وبالتالي عمل كل الولايات وفق منظومة العمل المحلي للارتقاء بنظام الإدارة وفق ما يحقق تطلعات أبناء المحافظات والولايات.
فتطوير الإدارة المحلية عبر نظام المحافظات والشؤون البلدية من شأنه أن يُحدث نقلة نوعية في إدارة العمل عن قُرب في كل ولايات السلطنة ويعجل بالكثير من الخطوات الهادفة إلى استثمار الفرص وتنمية مواردها وفق الأهداف الكلية للدولة، خاصة أنَّ النظام أشار إلى ذلك صراحة في اختصاص المحافظات بتنفيذ السياسة العامة للدولة وضمان سيادة القانون وحماية مصالح الدولة وتعزيز هيبتها وتنمية واستثمار موارد المحافظة والترويج لها من أجل تحقيق التنمية المستدامة وتوفير فرص عمل للمواطنين والعمل على الاستفادة من المقومات السياحية والتراثية المُتاحة وإنشاء وإدارة المرافق البلدية وحماية الأملاك العامة والعمل على استيفاء احتياجات المحافظة من المرافق العامة غير البلدية والخدمات الحكومية، والحفاظ على سلامة البيئة وتنفيذ المشاريع الإنمائية وتذليل الصعوبات التي تواجهها والمشاركة في إعداد خطط التنمية.
وفصَّل المرسوم السلطاني اختصاصات المحافظين والولاة ونوابهم بشكل دقيق وبما يحقق الغاية من تعيينهم، كما منح المرسوم اختصاصات واسعة للبلديات في 39 اختصاصًا تشمل كل جوانب العمل البلدي بما يُسهم في إدارة العمل في الولايات عبر إدارة محلية متكاملة.
إنَّ نظام المحافظات والشؤون البلدية من شأنه أنْ يعزز من دور المحافظين في إدارة المحافظات والولاة في إدارة الولايات وتطوير وتنفيذ الخطط الهادفة إلى تطوير العديد من الجوانب، بخلاف الوضع السابق الذي جرَّد الولاة من الصلاحيات وحدّ من دورهم المحوري وكانوا كنموذج شرفي.
وهناك تجارب في السلطنة في الإدارة المحلية كما هو ماثل بمحافظة ظفار في إدارة الشؤون المحلية والبلدية والتخطيط، وكذلك بمحافظة مسقط في الإدارة المحلية بدون بلدية، فهذه التجارب وغيرها والتي طبّقت في السنوات الفائتة أسهمت في إدارة دولاب العمل داخليًا، فتوسيع هذه التجربة ومنحها المزيد من الصلاحيات والاختصاصات سوف يخفف الضغط على أجهزة الدولة ويعظّم الاستفادة منها في اتّباع نظام اللامركزية في إدارة مفاصل العمل في الولايات.
ومن حسن الطالع أنْ تخصيص حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم مبلغ عشرة ملايين ريال لكل محافظة لتعزيز الجوانب التنموية فيها من شأنه أن يعطيها دفعًا قويًا في الفترة المقبلة ولتمضي قُدُمًا في تنفيذ برامجها وخططها التنموية.
بالطبع إنَّ هذه التجربة المحلية لن تكون استنساخًا لتجارب أخرى وإنّما الاستفادة منها بما يتلاءم مع طبيعة الأنظمة المحلية لدينا، وسُبُل تطويرها بما يؤدي إلى تحقيق الأهداف منها.
نأمل أنْ تحقق هذه التجربة في إدارة شؤون البلاد نتائج إيجابية في إدارة دفة العمل في المحافظات والولايات وأنْ يقلّص الاعتماد على الأجهزة الحكومية الأخرى من خلال اتّباع نظام اللامركزية في إدارة منظومة العمل.