رجل من زمن الطيبين

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٤/أغسطس/٢٠٢٠ ٢٣:٢١ م
رجل من زمن الطيبين

عيسى المسعودي

Ias1919@hotmail.com

عندما نتحدث بيننا وبين بعض عن زمن الطيبين نقصد الزمن الذي اظهر لنا جيل رائع ومتميز يتصف بالاخلاق والادب والتواضع وبشاشة الوجه وطيبه القلب وحب العمل والمحافظة على العادات والتقاليد ولحبهم وحرصهم على التعليم وحب الغير ومد يد العون لافراد المجتمع وقبل ذلك كله حبهم الشديد واخلاصهم للعمل من اجل عمان والمساهمة في تنميتها و بنائها واستقرارها وغيرها من المواصفات التي جعلت من جيل الطيبين قدوة للجيل الحالي ومرجع لكسب الخبره والمعرفة والاستفادة من تجاربهم المختلفة حيث كان لهذا الجيل والذي يمكن ان نطلق عليه جيل النهضة العمانية دورا كبيرا في تحقيق عمان للعديد من النجاحات والانجازات وفي مختلف المجالات فهو جيل المرحلة الذي يواصل عملة وعطائه وفي نفس الوقت يدعم ويساند جيل الشباب الحالي.
الاخ محمد بن مبارك الحسني ( ابو تركي ) والذي رحل بهدوء عن حياتنا وعن عالمنا قبل ايام ، يعد واحدا من رجال زمن الطيبين الذين تمتعوا بالموصفات التي ذكرناها جعلت منه انساناً متميزاً في حياته وحتى في مماته فالجميع يتذكر ابو تركي بالذكرى الطيبة التي ستعيش في قلوب كل من عرفة اوالتقى معه حيث تابعنا عبر التواصل الاجتماعي وبعد اعلان الوفاة مجموعة التغريدات والرسائل التي عبر اصحابها عن حزنهم الشديد لهذا الفقيد مؤكدين على انسانية وحب الناس لهذا الرجل فقد كان يقابل الجميع بالابتسامة والاحترام ويحاول جاهدا حسب امكانياتة وقدرتة تقديم المساعدة اضافة الي الامكانيات والقدرات التي كان يتمتع بها في مجال العمل والحياة فقد تميز ابو تركي بالتخطيط وتحديد الاهداف في مشوارة حياته وهذه من العناصر المهمة في شخصية الانسان الناجح ومن يعرف شخصية ابو تركي جيداً يستطيع ان يقول انه من الشخصيات العصامية فمن موظف في جامعة السلطان قابوس وصولا الي بعض الوظائف والمسؤوليات في شركة اوريدو وبنك مسقط وصولا الي مؤسسة الزبير التي اعتلى فيها منصب قيادي كرئيس تنفيذي للعمليات مما يؤكد ان مشوار الحسني لم يكن سهلا او مفروشاً بالورود وانما كان فيه عملا وجهداً كبيراً حتى وصل الي هذه المراتب مع اهتمامه بالعمل والمعرفة وتعزيز مهارته وخبراته التي ساهمت وبشكل كبير في صقل شخصية ابو تركي والتي احبها الجميع حتى الذين اختلفوا معه في بعض الاحيان يدركون انه شخصية رائعة ولديها امكانيات تؤهلها لتحمل مختلف المسؤوليات والاعمال لذلك كان قدوة مشرفة ومشرقة رغم صغر سنة للعديد من الشباب ومشجع للطاقات وابداعات الشباب ومسانداً لكل الافكار التي تساهم في تطوير العمل وتحقيق النجاح.
لقد تعرفت على الاخ العزيز والصديق ابو تركي قبل حوالي 15 عاما ودامت " والحمدلله " هذه المعرفة الطيبة طوال السنوات الفائتة حيث جمعتنا العديد من اللقاءات والاجتماعات سواء على مستوى العمل المشترك او على المستوى الشخصي فتشاركنا في امور عديدة وتبادلنا الاراء والافكار والمناقشات في كثير من امور العمل والحياة لدرجة انني في بعض الاحيات اقضي اوقات طويلة معه عبر الهاتف او عندما نلتقى أكثر من قضاء وقتي مع اسرتي فشخصية ابو تركي تعطيك مساحات كبيرة للتعبير عن رأيك حتى لو اختلف معك وافتخر بأني تعلمت منه الكثير فقد كان الحسني شخصية رائعة لايبخل على اي انسان بالنصيحة او بالمعرفة فقد تابعت عملة عندما كان في شركة اوريدو وكيف ساهم في بناء فريق رائع للاتصالات التجارية وطرح المبادرات والافكار التي ساهمت وبشكل كبير في تعزيز العلامة التجارية لهذه الشركة مع بداية عملها في سوق السلطنة وشاهدنا التحول والفرق الكبير في عمل هذه الشركة بعد ان تولى الحسنى المسؤولية فاصبح اسم الشركة مرتبط بامور كثيرة لعل من اهمها خدمة المجتمع وتعزيز تواصل الشركة مع وسائل الاعلام وهذه امور في غاية الاهمية لاي شركة تهدف الي النجاح ورغم ان ابو تركي كان يعمل ويساند فريق اوريدو من المكاتب الخلفية دون ظهور اعلامي مباشر الا ان الجميع كان يعرف بالدور الذي كان يقوم بة ومن يقف خلف هذا النجاح لذلك لم يكن بغريب ان ينتقل الي مؤسسة كبيرة بحجم بنك مسقط بعد ان اوصل اوريدو الي مكانه متقدمة اعلامياً وتسويقاً ليبدأ رحلة جديدة مع النجاح وهذه المرة مع علامة تجارية رائدة ومميزة كبنك مسقط والتي حقق معها نجاح جديد ومختلف ساهم بتحقيق نجاحات للبنك واسس فريق قوي في قطاع الاتصالات التجارية بحيث اصبح هذا الفريق مثال يحتذى به بين الشركات والمؤسسات الاخرى من حيث طرح المبادرات والافكار الغير تقليدية التي جعلت من العلامة التجارية لبنك مسقط في اعلى الترتيب بين قائمة الشركات العمانية والاقليمية ليكتسب مهارات وخبرات جديدة وايضا يشارك بخبرته وافكارة موظفي البنك والذين بلاشك استفادوا من تواجده معهم خلال تلك الفترة ليبدأ بعد ذلك مهمة اخرى لاتقل تحدي عن المهمات السابقة ، فبينما كان يحقق النجاح في بنك مسقط كانت هناك عيون تراقب عمله وادائه من بعيد ، حيث انتقل الي مؤسسة الزبير والتي تعد من المؤسسات العريقة في السلطنة ولها اعمال في مجالات متعددة وفي هذه المؤسسة اختلف نوعا ما عمل ابو تركي فالصلاحيات والمسؤوليات اختلفت مقارنه بالمؤسسات الاخرى ليعيش تجربة جديدة ومختلفة ولكن كالعادة ولانه يحمل الارادة والمقومات والمهارات نجح في المهام المكلف بها ليكسب ثقة مجلس ادارة الشركة ويتم تعينه كرئيس تنفيذي للعمليات وهذا بلاشك لم يأتي من فراغ وانما بعد عمل متواصل وجهد كبير طوال السنوات الماضية ولحسن حظي وبما اني كنت قريب منه كثيرا فقد تعرفت على الدور الذي قام به وكيف كان يخطط ويعمل لانجاح عمل المؤسسة التي تضم العديد من الشركات وفي مختلف المجالات ويمكن اليوم اذا سألنا المسؤولين او الموظفيين في مؤسسة الزبير وبنك مسقط واوريدوا لتعرفنا على العمل والنجاح الذي قام به المرحوم ابو تركي في هذه المؤسسات فهناك بلاشك مواقف متعددة لايمكن سردها في هذا المقال وقصص للنجاح يمكن الاستفادة منها.
كان العمل المجتمعي احد اهم العوامل المشتركة في عمل المرحوم ابو تركي في تلك المؤسسات وايضا على المستوى الشخصي في خدمة المجتمع فقترب كثيرا من الجمعيات الخيرية وساهم في طرح العديد من المبادرات المجتمعية التي حققت نجاحات وبحكم عملي وصداقتي بالمرحوم تعرفت وشهدت العديد من هذه المبادرات وردة الفعل الايجابي على نجاحها من المؤسسات والافراد والاعلاميين فكان يحب هذا المجال كثيرا ويحب ان يشارك في الاعمال الخيرية وخدمة الناس وبلاشك ان هناك الكثير ممن لهم العديد من المواقف والقصص مع المرحوم ابو تركي واجزم انها وبنسبة كبيرة كانت مواقف مشرفة وانسانية كذلك ومن الامور المهمة في هذه الشخصية الرائعة انها كانت تدعم الشباب العماني وتساندهم ولا يبخل عليهم بالمعلومة والافكار التي تساهم في تطوير اعمالهم وحياتهم لذلك لا نستغرب اليوم عندما يرتبط نجاح مشروع او مبادرة باسم محمد الحسني فقد كان داعما ومساندا للعديد من المشاريع التي تحقق نجاح واستمرارية وفي مجالات متعددة.
لقد كان المرحوم محمد الحسني من الشخصيات العمانية الرائعة التي احبت الوطن وكان دائما يبادلني الافكار والمقترحات والاراء في مختلف المجالات والتي من بينها تطوير اداء العمل المؤسسي من خلال هيكلة الجهاز الاداري للدولة وهذا والحمدلله ماحدث مؤخراً واختيار المسؤولين الاكفاء للمرحلة المقبلة والتصدي للفساد وغيرها من الامور التي لايمكن سردها في هذه السطور القليلة لقد كان شخصية طموحة تحب التخطيط وتحديد الاهداف سواء على المستوى الشخصي والعائلي او على مستوى العمل لذلك كان شخصية ناجحة وقدوة وملهم للاخرين ، لاشك اننا سنفتقد هذه الشخصية الرائعة في حياتنا وخاصة للناس الذين تعرفوا عليه او عملوا معه ولكن هذه مشيئة الله فعزانا جميعاً انه سيبقى في قلوبنا نتذكر مواقفة ونتعلم منها ونستفيد منها في حياتنا .. رحمك الله يا ابو تركي إنا لله وإنا إليه راجعون.