مسقط - ش
نظمت مؤخرا الجامعة العراقية بالتعاون مع مركز البحوث والدراسات بالجامعة وكلية التربية للبنات بالعراق وعلى مدى يومين ، ورشة عمل دولية عبر الاتصال المرئي بعنوان: (الإعلام في ظل جائحة كورونا) واستضافت الجامعه خلال هذه الورشة الدكتورة نجمة بنت سعيد السريرية وذلك للحديث عن رؤى الخبراء للمعالجة الإعلامية لجائحة كورونا وأثارها على الجمهور، كما شارك بالورشة الدكتور خالد العزى من الجامعه اللبنانيه - بيروت.
وخلال الورشة قالت الدكتورة نجمة في ورقة عملها أن خطورة الموضوع تعلقت بشكل كبير بالجانب النفسى للبشر خلال الكوارث والأزمات، وهو ما ظهر بوضوح خلال جائحة كورونا، التى أثارت الخوف والقلق والرعب وارتقاب المجهول فى نفوس الغالبية العظمى من الناس؛ وهو ما حدث بسبب الأعداد الكبيرة للإصابات والوفيات بمختلف البلدان، ونتيجة لذلك كان للإعلام دوره الكبير والمؤثر فى إدارة الأمر، ورغم التخبط الذى أصاب أغلب وسائل الإعلام فى بداية الأمر، إلا أن أغلب الخبراء رأوا أنه سرعان ما تغير ذلك وبدأت العديد من الوسائل فى التعديل الإيجابى للمعالجة الإعلامية للموضوع، ليبرز دورها الرئيسى كمصدر أساسى للأخبار والمعلومات وتكوين الوعى بشكل عام حول الموضوع، كما برزت أهمية المعالجة الإعلامية كذلك فى مواجهة الخرافات والشائعات المصاحبة للجائحة، ونفيها بأساليب إقناعية متنوعة من مصادر متخصصة.
وقد تم تقسيم نتائج الورقة إلى خمسة محاور وفقا للمقابلات التى تمت مع عينة من الخبراء المتخصصين، فتم استعراض رؤى الخبراء لترتيب وسائل الإعلام ومدى نجاحها فى معالجة الجائحة لدى الجمهور، وتقييمهم لمدى فاعلية أدوار وسائل الإعلام أثناء الجائحة، كما تم التطرق لآراء الخبراء حول مدى تقبل الجمهور للوظائف التوعوية التى أدتها وسائل الإعلام أثناء الجائحة، وتقييمهم للأساليب التى تم استخدامها من قبل الإعلام فى معالجته للجائحة وآثارها على الجمهور، وأُختتمت الورقة بعرض بعض المقترحات التى طرحها الخبراء لجعل المعالجة الإعلامية لأى كوارث أو أزمات مستقبلية تكون أكثر نجاحا وفاعلية.
وأشارت الدكتورة أن من أبرز النتائج التى تم استنتاجها خلال المقابلات المتعمقة مع الخبراء، تميز الإعلام الإلكترونى بمختلف أشكاله - وخاصة الصفحات الرسمية لوسائل الإعلام والمؤسسات الرسمية للدول وبعض المؤسسات الدولية كمنظمة الصحة العالمية على مواقع التواصل الاجتماعى - واعتماد العديد من فئات الجمهور عليه كمصدر أساسى للمعرفة واكتساب المعلومات واستقاء الأخبار أثناء جائحة كورونا، بينما رأى بعض الخبراء أن وسائل الإعلام المحلية لكل دولة على حدة – وخاصة القنوات الفضائية الخاصة - قد احتلت المرتبة الثانية من حيث كونها مصدرًا للمعلومات والأخبار ذات الصلة بالجائحة، تليها بشكل مباشر وسائل الإعلام الدولية سواء الأجنبية منها أو العربية، أما البعض الآخر فرأى عكس ذلك؛ وهو ما يتوقف على المستويات التعليمية والثقافية لأفراد الجمهور كل على حدة، لكن المؤكد من قبل جميع الخبراء أن وسائل الإعلام المحلية كانت مصدرًا مهمًا للأخبار والبيانات بالنسبة لمواطنى كل دولة خلال هذه الجائحة.
أما عن تقييم الخبراء لمدى فاعلية أدوار وسائل الإعلام أثناء الجائحة، فقد قالت الدكتورة نجمة السريرية انه قد تم تقسيم هذه الأدوار إلى أدوار إيجابية وأخرى سلبية، واتفق أغلب الخبراء أن أبرز الأدوار الإيجابية لوسائل الإعلام كانت القيام بالتعبئة العامة للجمهور ونشر الوعى بين فئاته المختلفة، وشرح الإجراءات الاحترازية الواجبة قبل وأثناء الأزمة، إضافة إلى اعتبارها مصدرًا مهمًا للأخبار والمعلومات ونفى الشائعات المتداولة بين الجمهور. بينما كان الدور السلبى الأبرز لوسائل الإعلام عمومًا تهوين الأمر فى بدايته والاعتقاد بتوقف الأمر على التأثير السلبى على دولة الصين فقط؛ مما أدى إلى تهاون العديد من المواطنين فى تعاملهم مع الأمر، كما أشار بعض الخبراء إلى أن دور الإعلام كان يشوبه بعض الفراغات التى تسببت فى نشر الشائعات والخرافات بين الناس، وبشكل خاص فى بداية انتشار الفيروس.
وأشارت الدكتورة الى ان نتائج غالبية وسائل الإعلام نجحت إلى حد ما فى أداء أغلب الوظائف الإعلامية المنوط بها تأديتها أثناء معالجة الكوارث والأزمات، فأكد أغلب الخبراء أن وسائل إعلامية عديدة تمكنت إلى حد ما من القيام بوظائفها الإخبارية والتوعوية والإقناعية والترفيهية أثناء معالجتها لجائحة كورونا؛ وهو ما انعكست نتائجه بشكل إيجابى على قطاعات كبيرة من الجماهير التى اعتمدت على وسائل الإعلام بمختلف أنواعها لاستقاء الأخبار والتطورات الخاصة بالموضوع، ومعرفة المزيد من المعلومات والبيانات الصحية والطبية، وذلك رغم التأثير السلبى لبعض هذه الوسائل فى بداية الجائحة، والذى تحول إلى وظائف إيجابية بعد ذلك؛ وهو ما أثر بشكل إيجابى على بعض الناس الذين بدأوا بالمشاركة المجتمعية لمواجهة الجائحة ومساعدة المرضى وذويهم، ومساعدة الفئات التى تأثرت حالتها الاقتصادية بسبب الجائحة، فارتفعت الروح المعنوية لفئات مجتمعية عديدة يأتى فى مقدمتها العاملين فى المجال الطبى، الذين شعروا بتقدير الجهد الذى يقومون ببذله من أجل مرور الأمر بأقل الخسائر.
أما عن أساليب مواجهة الشائعات والخرافات التى انتشرت بالتزامن مع جائحة كورونا، فوفقًا لتقديرات أغلب الخبراء نجحت وسائل الإعلام المختلفة إلى حد ما فى استخدام استراتيجيات وأساليب عديدة لمواجهة الشائعات أثناء جائحة كورونا، وهو ما ظهرت آثاره الإيجابية على المجتمع فى تغيير اتجاهات العديد من الأفراد إزاء هذه الخرافات بعد أن كانت لها تأثير واضح وقوى فى بداية الأزمة ناتج عن الخوف والقلق فى أغلب الأمر، حيث بدأ الناس فى الابتعاد عن الخرافات والشائعات شيئًا فشئ لعدة أسباب، كان من أبرزها تكثيف المواجهة الإعلامية للشائعات والخرافات من خلال الوسائل الإعلامية المخلتفة، وقد أكد الخبراء أنه قد تمت الاستعانة ببعض الأساليب فى مواجهة الشائعات خلال الجائحة كأسلوب الاتصال الوقائى والاستراتيجية الديناميكية النفسية والاستراتيجية الثقافية الاجتماعية، وذلك باستخدام رسائل وأساليب مختلفة ومتنوعة للرد على الشائعات المنتشرة بين الجمهور.
وفى النهاية اشارت الدكتورة نجمة ان العديد من الخبراء قدمو عدد من الاقتراحات التى إذا تم اتباعها من قبل الإعلام فى حال وقوع أى كارثة أو أزمة مستقبلية فإن المعالجات الإعلامية سوف تصبح أكثر نجاحًا وفاعلية؛ ولكن لوحظ أنهم اتفقوا جميعا على ضرورة إعداد سيناريوهات مستقبلية متنوعة بها قدر كبير من المرونة للتعامل مع الأزمات والكوارث من قبل الدول، بما يتناسب وطبيعة كل حدث طارئ على حدة، مع الأخذ فى الاعتبار أنه لابد من وضع جزء واضح بهذه السيناريوهات يختص به الإعلام بوسائله كافة، سواء فى مرحلة التمهيد لوقوع الحدث أو أثناء حدوثه أو بعد انتهائه، على أن يتم تخصيص دور واضح للوسائل الإلكترونية الحديثة وفى مقدمتها وسائل التواصل الاجتماعى والإعلام الجديد؛ نظرا للإقبال الجماهيرى الكبير على هذه الوسائل وتأثيرها الإقناعى الواضح على العديد من فئات الجمهور، "حيث يميز هذه الوسائل اختلاف طريقة تغطيتها للأحداث واستخدامها لكافة العناصر التكنولوجية الحديثة فى نقل الأخبار وجعلها أكثر تشويقا ".