محمد بن محفوظ العارضي
يشهد يوم 12 أغسطس من كل عام الاحتفال باليوم العالمي للشباب. وقد اختارت الأمم المتحدة موضوع "التفاعل مع الشباب من أجل العمل العالمي" عنواناً لاحتفالات العام 2020، وهو موضوع مهم إلى أبعد الحدود، نتيجة للأحداث التي نعيشها في عامنا الحالي، حيث يواجه الأفراد في جميع أنحاء العالم تحديات متشابهة وتحولات من شأنها أن تغير طريقة حياتنا.
إن الأطفال الذين كانوا يذهبون إلى المدرسة تحولوا إلى نموذج جديد يعتمد على التعلم الإلكتروني، والذي ثبت بأنه يمثل تحدياً لهم وللمعلمين. ففي حين لا يمتلك المعلمون خبرة سابقة أو تدريباً في تعليم الأطفال عبر تقنية الفيديو، يواجه الطلبة كذلك صعوبة في التركيز على الدروس عبر الإنترنت لفترات طويلة ويفتقدون الجانب الاجتماعي للمدرسة، وهو عنصر أساسي لتجربة التعليم عموماً.
لكن وعلى الرغم من جميع العوائق، كان الطلاب حريصون على التكيف والتغلب عليها. واتضح أن شباب الجيل الحالي يتمتعون بالمرونة والوعي والإبداع، ويجب علينا، بصفتنا آباء ومعلمين وقادة، أن نعمل على تمكينهم بالأدوات المناسبة للنمو وإطلاق العنان لإمكانياتهم.
وربما يمكننا في اليوم العالمي للشباب، التفكير في حلول مبتكرة لإعادة الأطفال في جميع أنحاء العالم إلى الفصول الدراسية، مع مراعاة تدابير الأمان والتباعد.
لقد حدد جوناثان مارفل، المهندس المعماري البارز والمدير المؤسس لشركة "مارفل آركيتكتس" ومقرها نيويورك وسان خوان، في مقالة تحفز التفكير نشرتها صحيفة الفايننشال تايمز بعض الأفكار المفيدة لإعادة الأطفال إلى الفصول الدراسية بأمان خلال العام الدراسي المقبل.
وأشار مارفل إلى أن الوباء دفع بعدة مدن إلى إغلاق الشوارع بسبب الاستخدام المحدود للمساحات التجارية الداخلية، وأصبح تناول الطعام في الهواء الطلق الخيار المفضل للمطاعم. وباتت تُستخدم الشوارع للترفيه الصيفي، نتيجة لانخفاض حركة المرور، حيث يعمل المزيد من الأشخاص من منازلهم. ويشير مارفل إلى إمكانية تحويل تلك المساحات إلى فصول دراسية مؤقتة بمجرد بدء العام الدراسي.
يمكننا بالتأكيد تنفيذ ذلك المفهوم في منطقة مجلس التعاون الخليجي التي تتمتع بقدرات استثنائية وخبرة واسعة في إنشاء مساحات مؤقتة لاستضافة مختلف الأحداث العالمية، إننا نستضيف عدداً لا يحصى من المؤتمرات الصناعية والمعارض التجارية بالإضافة إلى مجموعة واسعة من الفعاليات الاستهلاكية كل عام. كما نمتلك المواد الخام والأثاث المتنقل والمعدات الكهربائية اللازمة للمساعدة في توسيع مساحات المدارس إلى ما وراء مبانيها.
ونستطيع عبر التخطيط الدقيق إنشاء فصول دراسية مؤقتة تسمح لعدد أقل من الطلاب بالتواجد في ذات الغرفة، وبالتالي التقيد بإجراءات السلامة ضد فيروس كورونا.
لا شك بأن تلك الخطوة ستقلل بشكل كبير من عدد الأفراد المتقاربين في المدارس، بينما تسمح للطلاب باستئناف دراستهم مع بعض مظاهر الحياة الطبيعية. كما ستسمح لهم المساحات الأكبر بالحفاظ على مسافة آمنة وتقلل من خطر العدوى. والأهم من كل ذلك، سترتفع معنويات الطلاب بإعادة افتتاح المدارس وستشكل مثالاً متميزاً للتغلب على التحديات غير المسبوقة من خلال إيجاد حلول إبداعية وعملية.
إن هذه المبادرة تتطلب بالطبع تعاوناً وثيقاً بين الحكومة والوزارات المعنية من جهة وقطاع الفعاليات والمعارض من جهة أخرى، كما تستدعي تسخير موارد واستثمارات كبيرة ستوفر عائداً ممتازاً. ولن تقتصر فائدة هذا الأمر على إلهام الطلاب بالعودة إلى المدارس، بل سيتم التخفيف من الضغط الحالي على الأهالي، وسيدفع أطفالهم إلى التركيز والنشاط خارج حدود المنزل. من ناحية أخرى، ستعزز تلك المبادرة بشكل عام الإنتاجية وتمكّن منطقتنا من إعادة بناء الاقتصاد وتضمن اكتمال التعافي عاجلاً وليس آجلاً.
من واجبنا دوماً أن نتذكّر بأن شبابنا يتمتعون بمواهب استثنائية، ومن مسؤوليتنا تمكينهم من إطلاق العنان لقدراتهم الكاملة وتحويلهم إلى مساهمين نشطين في المجتمع. والتزاماً بروحية اليوم العالمي للشباب، أشجعكم على التفكير في السيناريو الحالي والتحديات التي يواجهها أطفالنا. ويجب علينا جميعاً توحيد جهودنا لدعمهم قدر المستطاع وصياغة الحلول التي تساعدهم للتغلب على الجائحة العالمية مع إعدادهم للتعامل مع أي أزمات مستقبلية محتملة بطريقة مرنة وفعالة.