بقلم: علي المطاعني
يعكس بنك التنمية العُماني تعاطيه مع القروض الطارئة التي كلفته بها اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا (كوفيد 19) العديد من الدلالات التي تجسد المسؤولية التي يضطلع بها في خدمة شرائح المستفيدين من منظومته الإقراضية التنموية، والتي يعمل البنك كأحد بنوك التمويل التنموية الرائدة في المنطقة، ومن بينها القروض الطارئة.
ويجسد البنك دوره التنموي الكبير الذي يسهم به في رفد الاقتصاد الوطني، وتشجيع المستثمرين في القطاعات الاقتصادية، وكل العاملين لحسابهم الخاص وفئات التشغيل الذاتي والمهنيين والحرفيين الذين يسهم البنك بدور كبير في النهوض بمشروعاتهم وتعزيز مبادراتهم، لذا فإن إسهامه الفاعل في إدارة القروض الطارئة، لم يكن إلا جزئية من منظومته الإقراضية التنموية التي يسهم بها منذ أكثر من 40 عاما إلى اليوم بكفاءة عالية.
وما تعامله مع أكثر من 2.900 طلب قرض في ثلاثة أسابيع منذ تكليفه بهذه المسؤولية، بقيمة تزيد عن خمسة ملايين ريال، إلا نجاح آخر يضاف إلى ما يقدمه أصلا من خدمات إقراضية متعددة لكل المجالات الاقتصادية الإنتاجية والخدمية ذات القيمة المضافة التي تسهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات والخدمات وتستخدم الموارد الطبيعية وتستفيد من مدخلات الإنتاج وتوظيف الكوادر الوطنية، الأمر الذي يبعث على الاعتزاز لهذا الدور الذي يلعبه البنك في صمت وتجرد.
فبلا شك لا يمكن لأحد أن يجادل في دور بنك التنمية العُماني في رفد التنمية الاقتصادية في البلاد وتوزيع ثمار دعمه على كافة المجالات الاقتصادية وتوزيعها الجغرافي على المحافظات منذ بدء إنشائه وهو يعمل على تعزيز دوره كمًا وكيفًا.
فلا نبالغ إذا ما قلنا ليس هناك مصنع أو شركة إنتاجية أو خدمية في السلطنة ليس لها علاقة مع البنك، أو لم يسهم بشكل أو بآخر في توفير التمويل التنموي المدعوم من الحكومة لها، بل ربما البعض يتفاجأ بأن البنك لا يأخذ فوائد أو رسوما على شرائح واسعة من المهنيين والحرفيين العاملين لحسابهم الخاص وهم يشكلون نسبة كبيرة من أعداد المقترضين سنويا، اصحاب المشروعات متناهية الصغر ايمانا منه باهمية تمكين هذه الفئات من العمل الذاتي.
لقد أخذ البنك تكليف اللجنة العليا ببحث التعامل مع تأثيرات فيروس كورونا لبعض الشرائح المجتمعية المتضررة من الفيروس على محمل الجد بالعمل على إيجاد منظومة إقراضية تتلاءم مع الفئات المستهدفة ووضع الآليات لها والأطر التي تحكمها في منح القروض من خلال منصة إلكترونية تدار على مدار الساعة وبدون أي عراقيل تُذكر متى ما أستوفى اي قرض الشروط.
غير أن البعض للأسف يتعامى عن الحقائق وتشويه صورة مؤسسات تعمل بصمت، أو الكتابة بجهل أو عدم التعاطي بمسؤولية مع الكتابة أو التواصل مع المصادر بشكل يكمل ما يكتبه متناسيا بأن القلم أمانة يملي على صاحبه التيقن والتأكد.
في الواقع نجد أن البعض لا يرغب في الإيفاء بالالتزامات والاشتراطات التي تتطلبها المؤسسات الإقراضية كجزء من إتمام المعاملات، وحفاظا على المال العام وحرصا من البنك عليه، ويطالب انهاء معاملاته باي شكل، في حين لا يمكن أن نطوع الأنظمة المالية و"الإقراضية خصوصا" وفق رغبات بعض الأفراد مع ما تتضمنه من مجازفات ومخاطر في استرداد الأموال الممنوحة.
فهذه الضوابط وتلك الالتزامات من الأهمية الوفاء بها عند منح أي قرض، ولا يجب علينا نحن معشر الكُتاب أن ننجر وراء كل من يسعى للحصول على قرض كمنحة وبدون ان يلزم نفسه باسترداد ه، فلا يجب علينا أن نشجع تلك الممارسات التي لا تصنع اقتصادا ولا رائد أعمال ناجحا.
بل علينا أن نرسخ ثقافة الالتزام والنظام كجزء من التكوين الشخصي والتربوي لأبنائنا في التعاطي مع بيئة الأعمال وريادتها، وعلينا أن نهيل التراب على الأماني الوردية التي تحن للعطايا بغير مقابل والهبات بغير جهد أو عرق، فالسراب سيبقى كذلك ولن يتحول لماء أبدا.
فالبنك والحكومة لديهما في الواقع تجارب مريرة في حقل الدعم والإقراض الذي لم يوظف في مكانه الصحيح ولم يبنِ مشروعات على ارض الوقع، والمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين كما نعلم.
فبنك التنمية العُماني وفي سبيل ضمان نجاح المقترضين في توظيف أموالهم يقدم تسهيلات ومزايا كبيرة كالإعفاء من الدفع عاما كاملا للقروض العادية وفترة سداد تصل إلى سبع سنوات واستشارات فنية واقتصادية ومتابعات بالتوجيه والإرشاد وغيرها من المزايا، .
وكذلك يمنح فترة سماح للقروض الطارئة من ستة أشهر إلى نصف مدة السداد، بينما تصل مدة السداد إلى 10 سنوات، أليست هذه المزايا كافية للجادين والملتزمين، بيد أنها من الممكن ألا تكون كذلك بالنسبة لأصحاب النيات المبيتة بعدم الالتزام، فهل نترك لهم الحبل على الغارب ليأخذوا ما يريدون.
بالطبع نتفهم بعض الظروف وبعض الإشكاليات في القروض إلى غير ذلك من الأعمال التي يكتنفها العمل التجاري، لكن لا يجب بأي حال من الأحوال أن نؤسس لثقافة عدم الالتزام المرفوضة جملة وتفصيلا.
نأمل من الجميع أن يكون منصفا وعادلا في المقام الأول وأن يتأكد من حقيقة الأمور قبل أن يلقي بسهام الاتهام والتجريح جزافا، مع ضرورة إسداء النصح للمتقاعسين وأصحاب النوايا إياها بضرورة العودة لجادة الطريق.