سيتذكر التاريخ دائماً أن الفارس المصري محمد زيادة الشهير باسم "مودا" قد حقق مع فريقه إنجازاً كبيراً استعصى على بلاده لأكثر من 60 عاماً، وهو التأهل إلى دورة الألعاب الأولمبية القادمة في العاصمة اليابانية طوكيو، التي تم تأجيل فاعلياتها من صيف 2020 إلى صيف 2021 بسبب جائحة فيروس كورونا.ومن من المقرر أن تٌقام منافسات الدورة الأولمبية في يوليو-أغسطس 2021.
ويتذكر زيادة البالغ من العمر الآن 25 عاماً، والذي يمارس رياضة الفروسية منذ أن كان في سن الخامسة، قائلاً: "بدأ كل شيء عندما كنت مع والديَّ في نادي سموحة بمدينة الإسكندرية، وخطفت أنظاري منطقة الرمال الواسعة المليئة بالخيول.وسألت والدتي وكنت طفلاً حينها ما إذا كان بإمكاني ركوب الخيل، لكنها بالطبع رفضت. في ذلك اليوم، لم أكن لأغادر النادي دون امتطاء أحد هذه الخيول، ولم أتوقف عن ممارسة رياضة الفروسية منذ ذلك الحين."
كانت والدة محمد زيادة خائفة في البداية، ولكنها بعد أن أصبحت مشجعته ومدربته الأولى انطلقت معه إلى عالم الفروسية. ويقول محمد: "على الرغم من مخاوفها، تعلمت والدتي كافة تفاصيل هذه الرياضة. والآن أصبحت والدتي حكماً من المستوى الثالث في الاتحاد الدولي للفروسية؛ ولذلك احرص على سؤالها باستمرار عن قواعد اللعبة."
لم يكن عمر محمد قد تعدى السادسة عندما شارك في أولى مسابقته، التي استضافها الفارس المصري عبد القادر سعيد في مزرعته الخاصة بالإسكندرية. تدرب محمد مع عبد القادر- زميله في المنتخب المصري للفروسية- في بداية الأمر على تخطي الحواجز الصعبة. وبفضل الدعم المتواصل من والدته وهشام حطب رئيس الاتحاد المصري للفروسية ورئيس اللجنة الأولمبية المصرية، أصبح محمد مستعداً لخوض تحديات أكبر في سن الثالثة عشر.
وتابع محمد قائلاً: "في طفولتي، كنت أعتبر الفارس المصري كريم الزغبي هو مثلي الأعلى. في ذلك الوقت، كان كريم في هولندا، وكان عليَّ الانتقال إلى هناك أيضاً لكي أتلقى التدريب الذي احتاج إليه لأصبح فارساً من الطراز العالمي. كانت الموازنة بين دراستي والفروسية في هولندا تتطلب مني التفاني والانضباط والمثابرة."
ويضيف محمد: "بعد بضع سنوات، ازداد الأمر صعوبة بسبب التحاقي بكلية الصيدلة. أتذكر مراجعتي 14 محاضرة في اليوم الواحد لألحق ما فاتني من دراستي. كانت أمي هي مصدر التحفيز الوحيد لي، ومن دون دعمها المتواصل لم أكن لأتمكن من تخطي كل هذه التحديات."
لم تكن تلك الصعاب هي التحديات الوحيدة، التي واجهها محمد زيادة، حيث كانت مصر ممنوعة لفترة طويلة من استيراد الخيول وتصديرها؛ مما منع الشاب الطموح من المشاركة في تصفيات كأس العالم للفروسية أو إرسال خيوله إلى الخارج.
ويقول محمد: "شعرت أنني محاصر وعالق في طريق بلا مخرج. في ذلك الوقت، قررت تعليق تدريباتي حتى أتمكن من التركيز في دراستي.وشعرت أن الوقت، الذي قضيته والمال الذي أنفقته والجهد الذي بذلته في هذه الرياضة، لم يصل بي إلى حيث أردت. لم أترك اللعبة، لكنني شاركت فقط في العروض و يمكنني الجزم بأن هذا كان خطأ تعلمت منه."
حصد محمد وزملاؤه في المنتخب الوطني ثمار العمل الجاد أخيراً بعدما نجحوا في إحراز لقب كأس الأمم الأفريقية للفروسية بالمغرب للمرة الأولى في تاريخ مصر. وبعد فترة وجيزة، شارك الفريق في التصفيات المؤهلة لدورة الألعاب الأوليمبية. ويسترجع محمد ذلك الإنجاز قائلاً: "لم نحصل على الكثير من الدعم. كنَّا جميعاً نتدرب ونشارك في منافسات على نفقتنا الخاصة. بدأنا مؤخراً في تلقي بعض الدعم المالي للمساعدة في تخفيف العبء. أثبتنا أنه بإمكاننا تحقيق نتائج إيجابية بموارد محدودة للغاية."
وبينما يبدو على محمد زيادة الهدوء والثقة بالنفس، فإنه يرى أن المنافسة في دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو لن تكون بالمهمة السهلة.
وعن هذه النقطة، يقول محمد: "التأهل إلى الأولمبياد انتصار في حد ذاته؛ لأنه أمر لم نحققه منذ 60 عاماً، لكنها مجرد البداية. نقوم باستعدادات مكثفة.ونجحت للتو في تأهيل حصاني الثاني للتأكد من أن لديّ خطة بديلة، إذا سارت الأمور على نحو خاطئ. لقد حددت بالفعل خطة العرض الذي سأقدمه، وتواصلت مع كل أعضاء فريقي، بما في ذلك سُيَّاس الخيول والطبيب البيطري و الحدادين".
ويختتم محمد الحديث قائلاً:"أعتني حالياً بخيولي من خلال إتباع أفضل إجراءات وأساليب التدريب والصحة والرعاية. الهدف هو وصول بحصاني، أو بالأحرى شريكي، إلى أفضل حالاته بدنياً ونفسياً. إن تحقيق الفوز مستحيل دون هذه الشراكة والعلاقة مع حصانك.الوصول إلى القمة يتطلب أن يبذل الجميع كل ما في وسعهم."