مسقط - الشبيبة
بقلم: محمد الرواس
سجل قدماء المؤرخون أن ميناء «سيراف» الذي يقع على رأس الخليج العربي احد أهم الموانئ فى مجال التجارة مع الصين ، وذلك فى فترة أسرة «سون الصينية « عهد دولة « ووشيون» وكانت موانئ صحار ومسقط وسيراف والبليد بظفار وغيرها تمتلك التجارة البحرية وذلك لمهارة التجار وشطارة الربابنة العُمانيين الحاذقين.
كون الجغرافيا العُمانية تقع على مفترق الطرق العالمية ونقطة التقاء الشرق والغرب ونقطة اتصال مثالية لحضارات العالم مثل الصين والهند وشرق أفريقيا فلقد قامت الكثير من التبادلات التجاري اتسمت بالعلاقات الودية ، فلقد كانت عُمان بكافة مقوماتها الجغرافيا ، وسلاطينها العظماء ، وتجارها الحاذقون ، وسفنها المتينة، وربابنتها المهرة ، وموانيها التجارية ، علامات سلام بارزة في التاريخ البحري التجاري ، فاتصلت بموانئ العالم ومدنها الساحلية وجسدت بأعمالها اللوجستية الاقتصادية واحدة من أعظم ملاحم الاقتصاد التاريخي العالمي.
كان التجار العُمانيون يحبذون أن يتجهون شرقاً بسفنهم طلباً للتجارة المربحة، وكان هذا نهجهم عبر التاريخ ، فعُمان بلد يقع في منتصف طريق التجارة العالمية ، ويربط الصحراء خلفه بالبحر وبالدول والموانئ والبلدان شرقاً وغرباً ، ولقد كان الاتّجاه شرقاً بهدف التجارة ، وطلباً للتواصل الحضاري سمة اهل عُمان التجار الذين خبِروا البلدان وثرواتها وتجارتها ، فاكتشفوا أن التجارة مع الشرق الاقصى دائماً ما تكون مربحة ، وهذا إن دل على شي فإنما يدل على أهمية الشق الآسيوي في العالم بالنسبة لهم ، لأن تجارة الشرق غالباً ما تدر عليهم الكثير من البضائع الوفيرة التي يمكن تسويقها الي كل مكان بالعالم.
كان ولا يزال العُمانيون يجلبون من الشرق الآسيوي ومن الصين بالتحديد بضائع كثيرة ومتنوعة ، وعندما تزدهر تجارة اهل عُمان وتمتلي مخازنهم يقوموا بتصديرها الي الخليج وافريقيا ومدن الساحل المختلفة من حولهم.
الصين هو شريك عُمان التجاري الذي حدثنا التاريخ عنه ، وكذلك الهند الجار والشريك والقريب ، وافريقيا بمثابة الاسواق التي تصدر اليها وتجلب منها البضائع، حينها يقوم العُمانيون بمهمتهم التجارية عبر الطرق البحرية حيث كانت مهمتهم ربط دول الخليج العربي خلفهم بالشرق والغرب وتجارة الشرق بافريقيا ، ومن خلال ذلك يقدمون الخدمات الجليلة لمراكز وموانئ العالم التجارية .
دائما ما يكون الشق الآسيوي بدء من الهند هو الهدف العُماني الذي من خلاله يتم تبادلهم التجاري ، واليوم ما أحوجنا الي الاتجاه شرقاً مرة أخرى تيمناً بسلفنا من التجار الذين كانوا يجوبون بسفنهم العالم شرقا وغرباً.
دائما ما يترك العُمانيون الأثر الطيب حيثما نزلوا في أى مكان قصدوه سواء كان للتجارة أو للزيارة ، ولقد كانت أخلاقهم زادهم ومعينهم الأول قبل بضاعتهم ، ولقد كانت الصين من احدى الدول الآسيوية التي كان التجار يقصدونها وهي بالنسبة لهم من أهم الوجهات التجارية على مر العصور المختلفة بحكم العلاقات السامية التي أسسها التجار العُمانيين الأوائل بالصين منهم الشيخ «عبدالله الصحاري» الذي عاش بالصين واستقر بها وله العديد من المأثر، والمكرمات بين اهلها ولقد كرمه إمبراطور الصين حينها ، ومنهم «ابو عبيدة العُماني» الذي لقب بجنرال الاخلاق ، وغيرهم الكثير ممن خلدهم التاريخ ، وعندما نقول الشق الآسيوي فنحن بلا شك نقصد الصين وكوريا - تعرف تاريخياً باسم بلاد الشيلا – بالإضافة الي إندونيسيا وغيرها من بلاد الشرق الاقصى.
كانت بضائع الصين عديدة ومتنوعة وفي مقدمتها الحرير ، وكذلك بضائع اهل عُمان متعددة ، وفي مقدمتها الُلبان ، وعندما تكون التجارة في أفضل احوالها تأتي السفن الصينية الي حوض المحيط الهندي وبحر العرب ، وكانت عُمان محطة تجار الصين الرئيسية ، وصحار بالتحديد مدينتهم المفضلة لتخزين البضائع فاطلقوا عليها «دهليز الصين» وبوابة الصين كما اطلقوا عليها العديد من الاسماء الأخرى ، وضل هذا التواصل والسفر للسفن العُمانية والاتجاه شرقاً يعتبر مثل الفأَل الحسن فهو بالنسبة لهم ربح تجاري مستمر ، ولقد كانت عُمان بلد منفتحة على كافة حضارات العالم وبلدانها المختلفة ، وكانت السفن العُمانية لها اشكال مميزة وتعرف عن بُعد بتصاميمها واشكالها فترسوا في الموانئ ، وتجوب البلدان وهي آمنة.