قبل ثلاث سنوات التقيت بأيوب، شاب جامعي نشط في أحد مجالات الأنشطة الطلابية في جامعته، طلب مني وقتها إدارة جلسة تتحدث حول الإعلام الاجتماعي. أكثر ما شدني في هذا الشاب التزامه وحرصه على وضع الأمور في مكانها.
بعد سنوات أرى هذا الشاب وقد توسعت معرفته وتخصص في إطلاق المشاريع الناجحة والمجتمعية وأصبح يقدّم حلولاً مبتكرة، وتصدق فيه عبارة أدرجها في سيرته التعريفية على منصة تويتر: لا أعود من حيث ابتدأت!
من صوت التنمية في جامعة السلطان قابوس إلى تمكين الجيل كأحد المشاريع الفائزة في مسابقة تمكين لدعم الأفكار الشبابية التي تتبناها اللجنة الوطنية للشباب إلى مشروع شبّاك «منصة لحجز قاعات الأفراح والمؤتمرات إلكترونيا».. حتى وإن تباينت المهمات والهدف والطريقة والطموح، فإنها مسارات مشروعة، وأعتبرها ناجحة إذا ما قيست بحجم المسؤوليات والمعرفة المكتسبة والإنجازات المتحققة.
هذا الشاب تشعر أن تواجده على منصات التواصل الاجتماعي مدروس وأن ساعات تواجده ملاحظة وتتعلق أكثر بالتجارب الإبداعية والمشاريع الشبابية.. انشغاله إنجاز وليس مجرد عمل له وقت انتهاء.
حين التقيت بوالده قبل مدة كان لي طلب واحد فقط، وهو أن يترك أيوب يستمر في طريقه الإبداعي ويواصل مساره الذي اختاره عن اقتناع وتجربة وأن يبعده عن أي وظيفة حكومية قد تمتص هذا النشاط، فقدراته أكبر لأنه حر وعليه أن يبقى حرّاً حتى تستفيد فضاءات الوطن من أفكاره التي قد تتحول إلى مشاريع باهرة، فهذا ما يميز أيوب: يعرف الوقت المناسب لإطلاق مشروعه، فبعد أن تطلّ فكرته يناديها لينفذها بشعور الإنجاز مع تخطيط يتجاوز التحديات.
أيوب يؤمن بالأفكار الصغيرة التي تشبه الشتلات ليوفر لها مناخ التحول لتصبح مساحات خضراء لعقول تتفكر وتنجز، ويحولها إلى مشاريع تكبر مع الزمن بخاصة تلك المشاريع التي تبحث عن ذهن مستريح ومتفتّح قادر على تطويرها، إضافة إلى مشاريع لا تحتاج غالباً إلى رأس مال كبير وتصلح لأن تكون نشاطاً مجتمعياً إضافة إلى كونها نشاطاً ريادياً وعملاً خاصاً، كما باستطاعته تحويل هذه المشاريع إلى مشاريع أخرى أكبر.
لا يقتصر نشاط أيوب على المشاريع الريادية فهو قارئ نهم، وله مشروع في مجال إثراء المحتوى العربي الرقمي، وتشجيع حركة التدوين في السلطنة عبر مشروع المدونات العُمانية، وهو أول حساب عُماني على تويتر متخصص في دعم ونشر المدوّنات العُمانية، وهناك مدونته الشخصية التي يضخ فيها تدوينات تتعلق بتجاربه وقراءاته، وتجلياته في عالم التواصل الاجتماعي، ورحلته في البحث عن الجديد.
تعلمنا من النبي أيوب عليه السلام دروس الصبر العظيمة، ومن أيوب عُمان نتعلم كيف نبني الإنسان العامل المنجز والباحث عن الحكمة والمعرفة.
هذا زمن التجارب والعمل.. هذه هي رسالة أيوب لي وللشباب، فلنعمل عمل أيّوب.